فَالْقَوْلُ، قَوْلُ مُدَّعِي الْمُحَابَاةِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِتَقَدُّمِ النُّقْصَانِ فَهَذَا حُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا، إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ بَاقِيَةً.
فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ تَالِفَةً لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إِلَى تَقْوِيمِهَا، فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، لأن اختلافهما في المحاباة مأول إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ قَدْرِ المثمن.
وإذا باع المريض كد طعام يساوي ثلاث مائة درهم، لا مال له غيره، بكد شَعِيرٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَالثُّلُثُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا كد الشعير بثلثي كد الطَّعَامِ. وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، قَدْ دَخَلَهَا مِنَ الْمُحَابَاةِ قَدْرُ الثُّلُثِ، مِائَةُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ الْخِيَارُ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ بِكُلِّ الشَّعِيرِ بَعْضَ الطَّعَامِ، وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ بِبَعْضِ الطَّعَامِ كُلَّ الشَّعِيرِ.
وَلَوْ كان كد الشَّعِيرِ يُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، كَانَ لِوَرَثَةِ صاحب الطعام أن يأخذوا كد الشعير بخمسة أسداس كد الطَّعَامِ، لِأَنَّ الثُّلُثَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِذَا زِدْتَهُ عَلَى ثَمَنِ الشَّعِيرِ، صَارَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ يُقَابِلُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلِذَلِكَ أخذ خمسة أسداسه.
فلو باع المريض كد طعام، يساوي مائتي درهم، بكد طَعَامٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَيَحْتَاجُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْمُحَابَاةِ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهَا دَاخِلًا فِي قَدْرٍ يَتَسَاوَى فِيهِ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ، لِأَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ حَرَامٌ.
وَإِذَا كان كذلك: صح البيع في ثلثي كد من الطعام الأجود، بثلثي كد من الطعام الأدنى، لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، ثُلُثُهَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ درهما وثلثا درهم، وقد حاباه في الكد الأجود بمائة درهم. فإذا أخذ ثلثي كده مِنَ الطَّعَامِ الْأَجْوَدِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَثَلَاثَةٌ وثلاثون درهما، وثلث درهم، بثلثي كد مِنَ الطَّعَامِ الْأَرْدَأ وَقِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا، وَثُلُثَا دِرْهَمٍ، كَانَ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ بَيْنَهُمَا سِتَّةً وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ قَدْرُ الثُّلُثِ.
وأحضر بابا تصل إلى الاستخراج للعمل فِيهِ، بِأَنِ اسْتَخْرَجْتُهُ، سَهْلَ الطَّرِيقَةِ وَاضِحَ الْعَمَلِ، وَهُوَ أَنْ تَنْظُرَ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ، وَقَدْرَ الثُّلُثِ ثُمَّ تَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَالْمُحَابَاةِ فَإِذَا نَاسَبَهُ إلى جزء معلوم، فهو القدر الذي إن أنفذ الْبَيْعُ فِيهِ اسْتَوْعَبَ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنَ المحاباة من غير تفاضل.
مثاله: أن تقول: إذا باعه الكد المساوي مائتي درهم بالكد الْمُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ: إنَّ الْمُحَابَاةَ بَيْنَهُمَا مِائَةُ درهم، وقدر الثلث: ستة وستون درهما وثلث دِرْهَمٍ، فَإِذَا قَابَلْتَ بَيْنَ الثُّلُثِ وَالْمُحَابَاةِ، وَجَدْتَ الثُّلُثَ مُقَابِلًا لِثُلُثَيِ الْمُحَابَاةِ، فَتَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ ثُلُثَيِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ: اسْتَوْعَبَ (ثلث) التركة.
فعلى هذا: إذا باع كدا يساوي ثلاثة مائة درهم، بكد يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَمَلُهُ بِالْبَابِ الَّذِي قَدَّمْتُهُ أن تقول: