للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسب: من تناسب بِوَالِدٍ وَوَلَدٍ وَكُلُّ شَيْءٍ أَضَفْتَهُ إِلَى شَيْءٍ عَرَفْتَهُ بِهِ فَهُوَ مُنَاسَبُهُ، وَفِي الصِّهْرِ هَاهُنَا تَأْوِيلَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الرَّضَاعُ قَالَهُ طَاوُسٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْمَنَاكِحُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَصْلُ الصِّهْرِ الِاخْتِلَاطُ فَسُمِّيَتِ الْمَنَاكِحُ صِهْرًا لِاخْتِلَاطِ النَّاسِ بِهَا وَقَالَ تَعَالَى: {وَانْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ) {النور: ٣٢) الْآيَةَ وَالْأَيَامَى جَمْعُ أَيِّمٍ وَهِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْأَيْمَةِ يَعْنِي الْعُزْبَةَ وَفِي هَذَا الْخِطَابِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُنْكِحُوا أَيَامَاهُنَّ مِنْ أَكْفَائِهِنَّ إِذَا دَعَوْنَ إِلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا الأيامى عند الحاجة، وفي قوله " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ إِلَى النِّكَاحِ يُغْنِهِمُ اللَّهُ بِهِ عَنِ السِّفَاحِ.

وَالثَّانِي: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ إِلَى الْمَالِ يُغْنِهِمُ اللَّهُ إِمَّا بقناعة الصالحين، وإما باجتماع الرِّزْقَيْنِ إِلَيْهِ.

رَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ دَاوُدَ: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اطْلُبُوا الْغِنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمِ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) {النور: ٣٢) قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) {النساء: ٣) وَفِي هَذَا الشَّرْطِ أَرْبَعُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: يَعْنِي إِنْ خفتم أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى ولا تخافون أن لا تَعْدِلُوا فِي النِّسَاءِ فَقَالَ: كَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَهَكَذَا خَافُوا أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي النِّسَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ سعيد بن جبير.

الثاني: يَعْنِي إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي نِكَاحِ اليتامى فانكحوا ما حل لكم من غيرهن من النساء. وهو قول عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>