منها في قوله: " أيما امرأة " أربعة دَلَائِلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ " أَيُّ " لَفْظَةُ عُمُومٍ، لَهُ صِيغَةٌ لِتَنَاوُلِهِ جَمِيعَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ فَخَالَفَ قَوْلَ دَاوُدَ أَنَّهُ لَا صِيغَةَ لِلْعُمُومِ.
وَالثَّانِي: أَنْ " مَا " الْمُتَّصِلَةَ بِأَيِّ صِلَةٌ زَائِدَةٌ، لِأَنَّهَا لو حذفت فقيل: أي امرأة صح، مثله قَوْله تَعَالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) {آل عمران: ١٥٩) . أَيْ فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الصِّلَةِ الزَّائِدَةِ فِي الْكَلَامِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَحْكَامٌ.
وَالثَّالِثُ: اشْتِمَالُهُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ يُخَالِفُ قَوْلَ أبي حنيفة، وشريفة ودنية يُخَالِفُ قَوْلَ مَالِكٍ، وَبِكْرٍ وَثَيِّبٍ يُخَالِفُ قَوْلَ دَاوُدَ.
وَالرَّابِعُ: خُرُوجُ الرِّجَالِ عَنْ حُكْمِ النِّسَاءِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ لِتَخْصِيصِهِمْ بِالذِّكْرِ.
وَمِنْهَا فِي قوله: " نكحت بغير إذن ولها " خمسة دَلَائِلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ فَخَالَفَ قَوْلَ أبي حنيفة.
وَالثَّانِي: ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ في نكاحهن قَوْلُ مَنْ قَدَّمْنَا خِلَافَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوكِّلَ، لِأَنَّ إِذْنَهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا لوكيل ينوب عنه.
والرابع: أن لَا وِلَايَةَ لِوَصِيٍّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا نَائِبٍ عَمَّنْ هُوَ فِي الْحَالِ وَلِيٌّ.
وَالْخَامِسُ: أن العقد فاسد قَدْ يُضَافُ إِلَى عَاقِدِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ.
وَمِنْهَا فِي قَوْلِهِ: " فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ "، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فنكاحها باطل ستة دَلَائِلَ:
أَحَدُهَا: بُطْلَانُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بِخِلَافِ قول من أجازه بغير ولي.
والثاني: لَا يَكُونُ إِذَا بَطَلَ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ قَوْلِ أبي حنيفة.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ النكاح الفاسد لا يفسخ بطلقه إن كَانَ مُخْتَلِفًا فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يُسَمَّى نِكَاحًا.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْإِضَافَةَ قَدْ تَكُونُ حَقِيقَةً، وَمَجَازًا.
وَالسَّادِسُ: جَوَازُ تكرار اللفظ وزيادة في البيان وتوكيد للحكم، لِأَنَّهُ قَالَ: فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا.
وَمِنْهَا فِي قوله: " وَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا " خَمْسَةَ عَشَرَ دَلِيلًا.
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَسِيسَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَطْءِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ مَعَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ النكاح الفاسد إذا خلا من الإنابة لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْمَهْرُ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْخَلْوَةَ لا تكمل بِهَا الْمَهْرُ بِخِلَافِ قَوْلِ أبي حنيفة.