للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ يَكُونُ تَفْرِيعُ هَذَا الْفَصْلِ فَإِذَا اعْتَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَحِيضَ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ، وَتَرَى بَاقِيَهُ طُهْرًا فَرَأَتْ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ وَبَاقِيَهُ دَمًا أَصْفَرَ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تُرَدُّ إِلَى الْعَشَرَةِ السَّوَادِ اعْتِبَارًا بِالتَّمْيِيزِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي سَعِيدٍ تُرَدُّ إِلَى الْخَمْسَةِ الْمُعْتَادَةِ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ وَبَاقِيَهُ طُهْرًا فَرَأَتْ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّهْرِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَحْمَرَ وَبَاقِيَهُ دَمًا أَصْفَرَ فَحَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْحُمْرَةُ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ مَعًا لِاجْتِمَاعِ التَّمْيِيزِ فِيهَا وَالْعَادَةُ، وَإِذَا اعْتَادَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ يَوْمًا دَمًا أَسْوَدَ وَبَاقِيَهُ طُهْرًا فَرَأَتْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَحْمَرَ وَبَاقِيَهُ دَمًا أَسْوَدَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا مُمَيِّزَةٌ، وَحَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْحُمْرَةُ، لِتَمْيِيزِهِ مِمَّا يُجَاوَزُ بِهِ، وَلَا يَكُونُ الْأَسْوَدُ حَيْضًا.

والوجه الثاني: وهو قول أبي إسحاق أنها مُعْتَادَةٌ لَا تَمْيِيزَ لَهَا، وَحَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْحُمْرَةُ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ، فَيَسْتَوِي الْحُكْمَانِ، وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَيَانِ فَتَكُونُ مُمَيِّزَةً عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَمُعْتَادَةً عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي.

(فَرْعٌ)

: وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ دَمًا أَسْوَدَ فَرَأَتْ فِي أَوَّلِهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَحْمَرَ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ حَيْضَهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ الْخَمْسَةُ الْحُمْرَةُ، وَالْخَمْسَةُ السَّوَادُ، وَلِتَمْيِيزِهَا عَمَّا لَيْسَ بِحَيْضٍ مِنْ بَعْدُ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْحُمْرَةُ، لِمُوَافَقَتِهَا أَيَّامَ الْعَادَةِ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ حَيْضَهَا الْخَمْسَةُ السَّوَادُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِدَمِ الْحَيْضِ.

(فَرْعٌ)

: وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ دَمًا أَسْوَدَ وَبَاقِيهِ طُهْرًا فَرَأَتْ فِي شَهْرِهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ فِي أَوَّلِهِ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ الْأَسْوَدَ، فَإِنِ انْقَطَعَ مَا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ تَجَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَقَدْ دَخَلَتِ الِاسْتِحَاضَةُ فِي الْحَيْضِ، وَلَهَا عَادَةٌ بِلَا تَمْيِيزٍ فَتُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُهُ مِنْ قَبْلُ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَهَلْ تَحِيضُ قَدْرَ الْعَادَةِ مِنْ زَمَانِ الْعَادَةِ أَوْ مِنْ زَمَانِ الدَّمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا أَبُو العباس:

<<  <  ج: ص:  >  >>