للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطئها لما منع أن يكون الشرع وارد به ومؤكداً لَهُ، وَإِذَا حَرُمَتِ الْأُمُّ فَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُهَا وَإِنْ علون من قبل الأم كأم الأم وجدتها، وَمِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ وَجَدَّاتِهِ لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ حَرُمْنَ بِالِاسْمِ أَوْ بِمَعْنَاهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَرُمْنَ بِالِاسْمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّ كُلًّا تُسَمَّى أُمًّا.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْمُ الْأُمِّ مُنْطَلِقًا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقِيقَةً لُغَةً وَشَرْعًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: حَرُمْنَ لِمَعْنَى الاسم وهو وجود الولادة والعصبة فِيهِنَّ فَحَرُمْنَ كَالْأُمِّ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى دُونَ حَقِيقَةِ الِاسْمِ، وَيَكُونُ انْطِلَاقُ اسْمِ الْأُمِّ عَلَيْهِنَّ مَجَازًا فِي اللُّغَةِ وَحُكْمًا فِي الشَّرْعِ.

فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ أُمَّهُ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِ عَقْدٍ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا وَقَالَ أبو حنيفة: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَجَعْلَ الْعَقْدَ شُبْهَةً فِي إِدْرَائِهِ عَنْهُ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ النَّصَّ الْمَقْطُوعَ به يمنع من دخول الشبهة عليه لا خروجه مِنْ أَنْ يُكُونَ نَصًّا قَاطِعًا.

وَالثَّانِي: مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الْبَنَاتُ فَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ عَلَى الْآبَاءِ وَهَلْ تناول النَّصُّ فِيهِنَّ تَحْرِيمَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ مَعًا أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ ثُمَّ كَذَلِكَ بَنَاتُ الْبَنَاتِ وَالْأَبْنَاءِ وَإِنْ سَفَلْنَ ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَرُمْنَ بِالِاسْمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّ كُلًّا يُسَمَّى بِنْتًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: بِمَعْنَى الِاسْمِ مِنْ وُجُودِ الْوِلَادَةِ وَالْبَعْضِيَّةِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ بِنْتَهُ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِ عَقْدٍ حُدَّ، وَأَدْرَأَ أبو حنيفة عَنْهُ الْحَدَّ بِالْعَقْدِ.

وَالثَّالِثُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ: الْأَخَوَاتُ فنكاحهن حرام وسواء كَانَتْ أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ أُخْتًا لِأَبٍ أو أختاً لأم وهي بَاسِمِ الْأَخَوَاتِ مُحَرَّمَاتٌ فَلَوْ وَطِئَ رِجْلٌ أُخْتَهُ نظر فإن كان يعقد نِكَاحٍ حُدَّ وَإِنْ كَانَ بِمِلْكِ يَمِينٍ فَفِي وُجُوبِ حَدِّهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُحَدُّ كَالنِّكَاحِ.

وَالثَّانِي: لا يحد لوطئه بالملك فإن حُدَّ لِوَطْئِهِ بِالنِّكَاحِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ فَزَالَتِ الشُّبْهَةُ والملك ثابت فيها فثبتت شبهته، والأم تحدّ فِي وَطْئِهَا بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ لِأَنَّ مِلْكَهَا يَزُولُ بِشِرَائِهَا وَمِلْكُ الْأُخْتِ لَا يَزُولُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَيَلْحَقْ بِهِ وَلَدُهَا وَإِنْ ضر وَتَصِيرُ الْأُخْتُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَيْسَ يَلْحَقُ وَلَدٌ مَعَ وُجُوبِ الْحَدِّ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وهذا إِذَا وَطِئَ أُخْتَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فإن وطئ الذمي مُسْلِمَةً عَلَى مِلْكِهِ كَانَ فِي حَدِّهِ قَوْلَانِ، والولد لا حق به على القولين.

والرابع من المحرمات: وهو أَخَوَاتُ الْأَبِ وَسَوَاءً كُنَّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لأب أو لأم وكلهن محرمات بالاسم ثم عَمَّاتُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَعَمَّاتُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ كُلُّهُنَّ محرمات كالعمات،

<<  <  ج: ص:  >  >>