فَقَدِ انْتَقَلَتْ عَادَتُهَا فِي الزَّمَانِ بِأَنْ تَقَدَّمَتْ وَفِي الْقَدْرِ بِأَنْ نَقَصَتْ وَإِنْ تَجَاوَزَ الدَّمُ حتى بلغ خمساً فِي الشَّهْرِ، فَقَدِ انْتَقَلَتْ بَعْضُ أَيَّامِهَا دُونَ جَمِيعِهَا، وَلَمْ تَنْقُصْ فِي الْقَدْرِ إِنْ تَجَاوَزَهَا الدم حتى بلغ عشراً في الشهر فقد انتقلت عادتها بزيادة خمس فِي الْقَدْرِ تَقَدَّمَتْ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ زَمَانُ الْعَادَةِ فِي الْعَشْرِ، فَإِنْ تَجَاوَزَهَا الدَّمُ حَتَّى تَمَيَّزَ الْعَشْرُ فَقَدْ دَخَلَتِ الِاسْتِحَاضَةُ، فِي الْحَيْضِ لِمُجَاوَزَةِ دَمِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَوَجَبَ رَدُّهَا عِنْدَ عدم التمييز إلى عادتها، وهي العشر السالفة، وَفِي ابْتِدَاءِ الْعَشْرِ الَّذِي تُرَدُّ إِلَيْهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ حِينِ رَأَتْ فِيهِ الدَّمَ فِي مُنْتَهَى إشكالها فيكون حيضها خمساً قبل الشهر، وخمساً بَعْدَهُ، وَمَا تَعَقَّبَهُ اسْتِحَاضَةٌ فَتُرَدُّ إِلَى الْعَادَةِ، مِنَ الْقَدْرِ دُونَ الزَّمَانِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ إِنَّ ابْتِدَاءَهَا مَنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ شَهْرُ عَادَتِهَا، فَيَكُونُ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِهِ، وَمَا تُقَدِّمُهُ وَمَا تَعَقَّبَهُ اسْتِحَاضَةٌ، فَتُرَدُّ إِلَى الْعَادَةِ فِي الْقَدَرِ وَالزَّمَانِ مَعًا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَكُونُ مُنْتَقِلَةً فِي بَعْضِ أَيَّامِهَا، وَعَلَى الثَّانِي لَا تَكُونُ مُنْتَقِلَةً.
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ: الْخَلْطَةُ)
وَإِذَا قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّ حَيْضِي مِنَ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَعْلَمُ أَنِّي أخلط من أحد النصفين في الآخر بيوم وَاحِدٍ وَلَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ هُوَ النِّصْفُ الْأَوَّلُ إِلَّا يَوْمًا مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي أَوْ هُوَ النِّصْفُ الْأَوَّلُ إِلَّا يَوْمًا مِنَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ؟ فَهَذِهِ تُنَزَّلُ عَلَى حَالَيْنِ وَتَلْتَزِمُ الْأَغْلَظَ مِنْهُمَا وَالْأَحْوَطَ فِيهِمَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهَذِهِ لَهَا يَوْمَانِ طُهْرٌ بِيَقِينٍ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَيَوْمَانِ حَيْضٌ بِيَقِينٍ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ حيضتها إن كانت فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَأَوَّلُهُ الثَّانِي وَآخِرُهُ السَّادِسَ عشرفكان الْأَوَّلُ مِنَ الشَّهْرِ طُهْرًا بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَ النصف الثاني فأوله الخامس عشر، وآخر التاسع والعشرين فَكَانَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ مِنَ الشَّهْرِ طُهْرًا يَقِينًا، وَصَارَ فِي التَّنْزِيلِ مَعًا الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ حَيْضًا يَقِينًا، ثُمَّ هِيَ مِنَ الثَّانِي إِلَى الرَّابِعَ عَشَرَ فِي طُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ تُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَغْتَسِلُ فِي آخِرِ السَّادِسَ عَشَرَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا ثُمَّ هِيَ فِي السَّابِعَ عَشَرَ إِلَى الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ فِي طُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ تُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَغْتَسِلُ فِي آخِرِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا، فَلَوْ قَالَتْ أَخْلِطُ مِنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ فِي الْآخَرِ يَوْمَيْنِ كَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ طُهْرًا يَوْمَانِ فِي أَوَّلِهِ وَيَوْمَانِ فِي آخِرِهِ وَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حَيْضٌ فِي وَسَطِهِ مِنَ الرَّابِعَ عشر إلى السابع عشر تغتسل غُسْلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي آخِرِ السَّابِعَ عَشَرَ وَالثَّانِي فِي آخِرِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَلَوْ قَالَتْ كُنْتُ أَخْلِطُ مِنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ فِي الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ طُهْرٌ بِيَقِينٍ ثَلَاثَةٌ فِي أَوَّلِهِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ آخِرِهِ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ حَيْضٌ بِيَقِينٍ فِي وَسَطِهِ، وَتَغْتَسِلُ فِي آخِرِ الثَّامِنَ عَشَرَ وَفِي آخِرِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ، ثُمَّ عَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ مِنَ الْخَلْطَةِ يَوْمٌ زَادَ فِي يَقِينِ الْحَيْضِ يَوْمَانِ فِي الْوَسَطِ، وَفِي يَقِينِ الطُّهْرِ يَوْمَانِ فِي الطَّرَفَيْنِ فَلَوْ قالت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute