قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
لِأَنَّ الْإِحْصَانَ كَمَالٌ فَلَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِوَطْءٍ كَامِلٍ وَهُوَ الْقُبُلُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَحَصَّنْ بِوَطْءِ الْإِمَاءِ، وَإِنْ كان مباحاً اعتباراً بأكمله فِي الْحَرَائِرِ كَانَ بِأَنْ لَا يَتَحَصَّنَ بِالْوَطْءِ المحرم في الدبر أولى، وجملة أحكام الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: مَا يختص بالوطء في القبل (لا يثبت بالوطء في الدبر) .
والثاني: (إحلالها) دون الدُّبُرِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَحْكََامٍ:
أَحَدُهَا: الْإِحْصَانُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، وَلَا يَثْبُتُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ.
وَالثَّانِي: إِحْلَالُهَا لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حَتَّى تَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا " وَالْعُسَيْلَةُ فِي الْقُبُلِ.
وَالثَّالِثُ: سُقُوطُ حُكْمِ الْعُنَّةِ، لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ، لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْمَوْطُوءَةِ فَاخْتَصَّ بِالْفَرْجِ الْمُبَاحِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: يَسْتَوِي فِيهِ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ، وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ، وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ عَلَيْهِمَا.
وَالثَّانِي: وُجُوبُ الْحَدِّ بِالزِّنَا فِي الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ جَمِيعًا.
وَالثَّالِثُ: كَمَالُ الْمَهْرِ وَوُجُوبُهُ بِالشُّبْهَةِ كَوُجُوبِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.
وَالرَّابِعُ: وُجُوبُ الْعِدَّةِ مِنْهُ كَوُجُوبِهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.
وَالْخَامِسُ: تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ وَيَثْبُتُ بِهِ كَثُبُوتِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.
وَالسَّادِسُ: فَسَادُ الْعِبَادَاتِ مِنَ الْحَجِّ، وَالصِّيَامِ، وَالِاعْتِكَافِ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.
وَالسَّابِعُ: وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ وَالصِّيَامِ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: الْفَيْئَةُ فِي الْإِيلَاءِ فيها وجهان:
أحدهما: أن لَا تَكُونَ إِلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ، لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَتَعَلَّقَتْ بِالْوَطْءِ الْمُسْتَبَاحِ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ الْقُبُلُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا تَكُونُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ به حانثاً ولزمته الكفارة فصار به فائياً.
والثاني: العدة في الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَجَبَتْ بِهِ الْعِدَّةُ كَوُجُوبِهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِي النِّكَاحِ قَدْ تَجِبُ بِغَيْرِ وَطْءٍ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ تَجِبَ بِالْوَطْءِ في الدبر، وإن كان بسببه فَفِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ: