الصغيرة التي وطئها ممن يجوز أن توطأ مِثْلُهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ أَنْ توطأ مثلها لَمْ يَتَحَصَّنْ بِوَطْئِهَا، فَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَا تَكُونُ مُحَصَّنَةً بِهَذَا الْوَطْءِ فِي النُّقْصَانِ بِالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالرِّقِّ، فَإِذَا كَمُلَتْ بِالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ، وَالْحُرِّيَّةِ فَهَلْ تَصِيرُ بِهِ مُحَصَّنَةً أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا: نَاقِصًا لَمْ يُحَصَّنَا مَعًا فِي الْحَالِ وَلَا فِي أَيِّ حَالٍ حَتَّى يَكُونَ الْكَمَالُ مَوْجُودًا فِيهِمَا حَالَ الْوَطْءِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ مُوجِبَ الْحَصَانَةِ أَنْ يَخْتَلِفَ بِهَا حَدُّ الزنا فَيَجِبُ الرَّجْمُ عَلَى الْمُحْصَنِ وَالْجَلَدُ عَلَى غَيْرِ المحصن، ولو اختلف حالهما وقت الزنا فَكَانَ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا وَالْآخَرُ غَيْرُ مُحْصَنٍ رُجِمَ الْمُحْصَنُ وَجُلِدَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِهِمَا تَأْثِيرٌ فِي حَصَانَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمَا فِي وَقْتِ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَصِيرَ بِهِ أَحَدُهُمَا مُحْصَنًا دُونَ الْآخَرِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يكون نَاقِصًا وَالزَّوْجَةُ كَامِلَةً، وَنُقْصَانُ الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَمْلُوكًا أَوْ يَجْمَعُ نَقْصَ الصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالرِّقِّ فَيَطَأُ زَوْجَةً كَامِلَةً بِالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ، وَالْحُرِّيَّةِ فَقَدْ صَارَتْ بِوَطْئِهِ مُحْصَنَةً إذا كان الصغر ممن يوطء مثله، فإن كان مثله لا يوطأ لَمْ تَتَحَصَّنْ بِوَطْئِهِ، فَأَمَّا الزَّوْجُ فَلَا يَكُونُ بِهِ مُحْصَنًا فِي حَالِ نَقْصِهِ، وَهَلْ يَصِيرُ بِهِ مُحْصَنًا بَعْدَ كَمَالِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى قَوْلِ أبي حنيفة: لَا يَتَحَصَّنُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا - وَاللَّهُ أعلم بالصواب -.
فأما الخنثى إذا جعلناه رجلاً يتحصن بوطء امرأة ولا يتحصن لو وطئه رجل، ولو جعلنا امْرَأَةً تُحْصَنَ بِوَطْءِ رَجُلٍ، وَلَا يَتَحَصَّنُ لَوْ وطأ امْرَأَةً، وَلَوْ كَانَ عَلَى حَالِ إِشْكَالِهِ لَمْ يتحصن بوطء رجل ولا يوطء امْرَأَةٍ وَلَا بِوَطْءِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ في حال إشكال بَاطِلٌ وَالْحَصَانَةُ لَا تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ باطل والله أعلم بالصواب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute