للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ كَالْعَمَى، وَالْهُزَالِ، فَيَكُونُ حَقُّهُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ، أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الصَّدَاقِ نَاقِصًا كَمَا لَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَهُ زَائِدًا.

فَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ نَاقِصًا فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا مَضَى فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ إِذَا بَذَلَتْهَا الزَّوْجَةُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَسْقَطْتُمْ خِيَارَ الزَّوْجِ إذا وجد الطلاق نَاقِصًا، وَجَعَلْتُمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَاقَ بِنَقْصِهِ وَيَأْخُذَ مَعَهُ أَرْشَ نَقْصِهِ كَمَا جَعَلْتُمْ لِلزَّوْجَةِ إِذَا وَجَدَتْهُ نَاقِصًا فِي يَدِهِ أَنْ تَأْخُذَهُ نَاقِصًا وَأَرْشَ نَقْصِهِ.

قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِ الزَّوْجِ مِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ فَضَمِنَ نُقْصَانَهُ لَهَا فَلِذَلِكَ غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الزَّوْجَةُ، لِأَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِهَا مِلْكٌ لِنَفْسِهَا فَلَمْ تَضْمَنْ نُقْصَانَهُ لِلزَّوْجِ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَغْرَمْ لَهُ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَاسْتَحَقَّ بِهِ مُجَرَّدَ الْخِيَارِ بَيْنَ الرِّضَا بِالنَّقْصِ أَوِ الْفَسْخِ.

إِيضَاحُ الْقِسْمِ الْخَامِسِ

وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَدْ زَادَ مِنْ وَجْهٍ وَنَقَصَ مِنْ وَجْهٍ فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً وَالنُّقْصَانُ مُتَمَيِّزًا، كَأَمَتَيْنِ مَاتَتْ أحدهما وَوَلَدَتِ الْأُخْرَى فَالْوَلَدُ لَهَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلزَّوْجِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ نَقَصَ نُقْصَانًا مُتَمَيِّزًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ وَالنُّقْصَانُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ، كَأَمَةٍ بَصِيرَةٍ مَرِيضَةٍ فَبَرَأَتْ وَعَمِيَتْ، فَبُرْؤُهَا زِيَادَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ، وَعَمَاهَا نُقْصَانٌ لَا يَتَمَيَّزُ. فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهَا لِأَجْلِ النُّقْصَانِ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ أَنْ تَبْذُلَ نِصْفَهَا لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ. وَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَجْهًا وَاحِدًا فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ النِّصْفِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ جَازَ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً وَالنُّقْصَانُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ: كَأَمَةٍ وَلَدَتْ وَمَرِضَتْ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَدِ، وَيَكُونُ كَالْكَلَامِ فِي النُّقْصَانِ الْمُنْفَرِدِ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ. فَيَكُونُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ. فَإِنْ رَضِيَ بِنِصْفِهَا نَاقِصَةً فَفِي إِجْبَارِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ وَالنُّقْصَانُ مُتَمَيِّزًا كَأَمَتَيْنِ مَرِيضَتَيْنِ بَرِأَتْ إِحْدَاهُمَا وَمَاتَتِ الْأُخْرَى. فَحَقُّهُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ. فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ الْبَاقِيَةَ بِزِيَادَتِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ نِصْفِهَا، لِأَنَّهُ عِوَضٌ مِنْ قِيمَةِ التَّالِفَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُعَاوَضَةُ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ النِّصْفِ الْآخَرِ فِي حَقِّهِ مِنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

فَهَذَا جَمِيعُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَقْسَامُ الْمَسْأَلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>