للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمَانَ عَلَى الزَّوْجِ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى فَلَيْسَ لِعُدْوَانِهِ أَرْشٌ يُضْمَنُ، كَمَا لَوْ كَانَ غَاصِبًا وَلَيْسَ بِزَوْجٍ.

فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِالْعَمَلِ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ وَلَا أُجْرَةَ لِلزَّوْجِ فِي عَمَلِهِ، لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ وَتَعَدَّى فِيهِ.

وَإِنَّ نَقَصَ الصَّقْرُ بِطَرْحِهِ عَلَى الثَّمَرَةِ، وَنَقَصَتِ الثَّمَرَةُ بِطَرْحِهَا فِي الصَّقْرِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ تَنَاهَى نَقْصُهُمَا وَاسْتَقَرَّ، فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَهُمَا وَتَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِأَرْشِ نُقْصَانِهِمَا، وَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الصَّقْرِ وَالثَّمَرَةِ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي مَغْصُوبٍ قَدْ جُبِرَ بِالْأَرْشِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نَقْصُهُمَا لَمْ يَتَنَاهَ ولم يستقر، وكلما ملا عَلَيْهِمَا وَقْتٌ بَعْدَ وَقْتٍ حَدَثَ فِيهِمَا نَقْصٌ بَعْدَ نَقْصٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ كَالْغَاصِبِ لِلطَّعَامِ إِذَا بَلَّهُ وَكَانَ نَقْصُهُ لَا يَتَنَاهَى فَهُوَ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَذَلِكَ هَذَا.

أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَنْصُوصِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُسْتَهْلَكِ فَيَكُونُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِمِثْلِ الثَّمَرَةِ إِنْ كَانَتْ ثمراً له مثل، وبمثل الصَّقْرِ، إِنْ كَانَ سَيَلَانًا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَلَا خَالَطَهُ الْمَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مِثْلٌ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ كَانَتْ رُطَبًا وَالصَّقْرَ قَدْ مسه النَّارُ، أَوْ خَالَطَهُ الْمَاءُ، فَلَهَا الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الصَّقْرِ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ.

وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِثْلٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مِثْلٌ رَجَعَتْ بِمِثْلِ ذِي الْمِثْلِ، وَقِيمَةِ غَيْرِ ذِي الْمِثْلِ فَلَوْ رَضِيَتِ الزَّوْجَةُ بِنُقْصَانِ ثَمَرَتِهَا وَصَقْرِهَا أُقِرَّتْ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَرْجِعْ بِبَدَلِهِمَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - وَهُوَ تَخْرِيجُ الرَّبِيعِ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي:

أَنَّهُمَا لَا يَصِيرَانِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ مُسْتَهْلَكَيْنِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنَ النُّقْصَانِ فِيمَا بَعْدُ فَمَظْنُونٌ مُجَوَّزٌ. وَرُبَّمَا أَرَادَتِ الزَّوْجَةُ أَكْلَ ذَلِكَ وَاسْتِهْلَاكَهُ قَبْلَ نُقْصَانِهِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ رَجَعَتْ بِأَرْشِ نَقْصِهِمَا فِي الْحَالِ، ثُمَّ كُلَّمَا حَدَثَ فِيهِمَا نَقْصٌ رَجَعَتْ بِأَرْشِهِ وَقْتًا بعد وقت.

فإذا أَخَذَتْ مِنْهُ أَرْشَ نَقْصِهِمَا فِي الْحَالِ وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ أَرْشِ نَقْصِهِمَا فِي ثَانِي حَالٍ فَفِي صِحَّةِ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، لأنه أبرأ مِمَّا لَمْ يَجِبْ.

وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْإِبْرَاءُ كالإذن.

وهذا الْوَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ وَجْهَيْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا فَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَقَعُ فِيهَا.

فَهَذَا حُكْمُ نَقْصِ الثَّمَرَةِ وَالصَّقْرِ.

فَأَمَّا إِنْ نَقَصَ الصَّقْرُ دُونَ الثَّمَرَةِ: فَلَهَا أَخْذُ الثَّمَرَةِ، وَيُضْمَنُ نَقْصُ الصَّقْرِ عَلَى مَا مَضَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>