البضع عنده كالمبيع الفائت ومما يؤكد ذلك أيضاً قوله في الخلع لو خلعها بعبدٍ أصاب به عيباً أنه يرده ويرجع بمهر مثلها فسوى في ذلك بينه وبينها وهذا بقوله أولى ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الصَّدَاقُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ. فَإِنْ طَلَبَتْهُ فَمَنَعَهَا فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ ضَمَانَ غَصْبٍ أَكْثَرَ مَا كَانَ قِيمَةً. وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ فَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: ضَمَانُ عَقْدٍ.
وَالثَّانِي: ضَمَانُ غَصْبٍ.
وَأَمَّا النَّمَاءُ فَإِنْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْهُ فَفِي ضَمَانِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتْلِفَ لَهُ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
فَأَمَّا إِذَا أَصْدَقَهَا أَمَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَطِئَ الْأَمَةَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ. فَالْحَدُّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ قَوْلَانِ:
أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ بِالْمُطَاوَعَةِ بَغِيا، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّ الْمَهْرَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ ملك لسيدها فلا يسقط ببذلهما لَهَا وَمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ بَذَلَتْ قَطْعَ يَدِهَا لَمْ يَسْقُطْ غُرْمُ دِيَتِهَا. فَإِنْ أَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ مملوك لا يلحق به، لأنه ولد زنى.
فَإِنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَالْأَمَةُ فِي يَدِهِ فَنَقْصُهَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِأَرْشِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّ تَلَفَ الصَّدَاقِ مُوجِبٌ لِقِيمَتِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِخِيَارِهَا فِي الْمُقَامِ أَوِ الْفَسْخِ.
فَإِنْ أَقَامَتْ أَخَذَتْهَا نَاقِصَةً وَلَا أَرْشَ لَهَا.
وَإِنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ تَلَفَهُ مُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ.
فَإِنْ مَلَكَ الْوَلَدَ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ نَسَبَهُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ، وَإِنْ مَلَكَ الْأُمَّ لَمْ تَصِرْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَدُهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ لِإِسْلَامِهِ حَدِيثًا، أَوْ قُدُومِهِ مِنْ بَادِيَةٍ نَائِيَةٍ، أَوْ يَدَّعِي شُبْهَةَ أَنَّهُ مَالِكِيٌّ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ بِالْعَقْدِ إِلَّا نِصْفَهَا. وَإِنَّ نِصْفَهَا بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، فهذا والجهل بالتحريم سواء في كونهما شبه يدرأ بها الحد وتجب بِهَا الْمَهْرُ فِي الْمُطَاوَعَةِ