للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِيَبْلَُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أَيْ أَيُّكُمْ أَتَمُّ عَقْلًا.

وَرَوَى كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تلا: " أيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاُ " ثُمَّ قَالَ: " أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عقلاُ. وَأَرْدَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَأَسْرَعُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ".

وَالثَّالِثُ: جَمَالُهَا، وَقُبْحُهَا. فَإِنَّ مَهْرَ الْجَمِيلَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْقَبِيحَةِ. وَقَدْ رَوَى سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُنكح النِّسَاءُ لأربعٍ، لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".

وَالرَّابِعُ: يسارها، وإعسارها، لأن ذا المالك مَطْلُوبٌ وَمَخْطُوبٌ، فَيَكْثُرُ مَهْرُ الْمُوسِرَةِ بِكَثْرَةِ طَالِبِهَا، وَيَقِلُّ مَهْرُ الْمُعْسِرَةِ، لِقِلَّةِ خَاطِبِهَا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات: ٨) . يَعْنِي الْمَالَ.

وَرَوَى مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ جمالٍ ومالٍ فَقَدْ أَصَابَ سِدَادًا مِنْ عوزٍ ".

وَالْخَامِسُ: إِسْلَامُهَا، وَكُفْرُهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) {البقرة: ٢٢١) .

وَالسَّادِسُ: عِفَّتُهَا، وَفُجُورُهَا، لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْعَفِيفَةِ أَكْثَرُ، وَمَهْرُهَا لِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ فِيهَا أَكْثَرُ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الزَّانِي لاَ يَنْكَحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إلاَّ زَانٍ أَْوْ مُشْرِكٌ) {النور: ٣) .

وَالسَّابِعُ: حُرِّيَّتُهَا، وَرِقُّهَا، لِنُقْصَانِ الْأَمَةِ عَنْ أَحْكَامِ الْحُرَّةِ. وَإِنْ كَانَ نِكَاحُهَا لَا يَحِلُّ لِكُلِّ حُرٍّ.

وَالثَّامِنُ: بَكَارَتُهَا، وَثُيُوبَتُهَا، لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْبِكْرِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الثَّيِّبِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنَّهُ قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا، وَأَغَرُّ غُرَّةً، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ ".

وَمَعْنَى قوله: " أنتق أرحاماً " أي: أكثر أولاداً، وفي قَوْلِهِ: " وَأَغَرُّ غُرَّةً " رِوَايَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: غِرَّةٌ بِكَسْرِ الْغَيْنِ، يُرِيدُ أَنَّهُنَّ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ، وَأَقَلُّ فِطْنَةً لَهُ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: وَأَغَرُّ غُرَّةً. بِضَمِّ الْغَيْنِ وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ غرة البياض، لأن الأغير وطول التعبيس يجيلان اللَّوْنَ، وَيُبْلِيَانِ الْجَسَدَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَحُسْنَ الْعِشْرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>