للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَا ادَّعَاهُ الْأَبُ هُوَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ أَقَلَّ، فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا، وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَبِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا بِهِ لَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَا ادَّعَاهُ الْأَبُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهَاهُنَا يَكُونُ التَّحَالُفُ، وَإِذَا وَجَبَ التَّحَالُفُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزَّوْجَةِ وَقْتَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّحَالُفِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى حَالِ الصِّغَرِ، أَوْ قَدْ بَلَغَتْ.

فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً حَلَفَ الزَّوْجُ، وَهَلْ يُحَالِفُهُ الْأَبُ أَوْ تَكُونُ الْيَمِينُ مَوْقُوفَةً عَلَى بلوغ الزوج عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا حَلَفَ لَمْ يَجُزْ لِلْأَبِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ، وَوَقَفَتِ الْيَمِينُ عَلَى بُلُوغِ الزَّوْجَةِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْأَيْمَانِ لَا تَصِحُّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ إِنَّمَا وُضِعَتْ لِإِثْبَاتِ حَقِّ الْحَالِفِ، أَوْ دَفْعِ مُطَالَبَةٍ عَنْهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ، وَتَأَوَّلَ قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ " وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ وَأَبُو الصَّبِيَّةِ " يَعْنِي فِي أَنَّهُمَا إِذَا اخْتَلَفَا قَدَّمَ الْحَاكِمُ الزَّوْجَ فِي إِحْلَافِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الزَّوْجِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْعَقْدِ، فَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ.

وَالثَّانِي: وَأَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ إِقْرَارُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ جَازَ إِحْلَافُهُ فِيهِ عِنْدَ إِنْكَارِهِ.

فَعَلَى هَذَا إِنْ حَالَفَ الْأَبُ الزَّوْجَ حُكِمَ لِلزَّوْجَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَبُ عَنِ الْيَمِينِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِنُكُولِهِ وَيُقْضَى بِالْمَهْرِ الذي اعترف به الزوج إذا كان ي قدر مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ مَنْ حُكِمَ بِيَمِينِهِ إِذَا حَلَفَ حُكِمَ بِنُكُولِهِ إِذَا نَكَلَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنُكُولِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَتَوَقُّفِ الْيَمِينِ عَلَى بُلُوغِهَا لِجَوَازِ أَنْ يُثْبِتَ بِيَمِينِهَا مَا لَا يُثْبِتُهُ الْوَلِيُّ فَيُحْكَمُ لَهَا بِهِ.

وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ وَقْتَ التَّحَالُفِ بَالِغَةً؟

<<  <  ج: ص:  >  >>