إِلَّا بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ مَا لَهُمْ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ.
وَرَوَى عمرو بن رافع عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِبِ مُصْحَفِهَا إِذَا بَلَغْتَ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَأَخْبِرْنِي فَلَمَّا أَخْبَرَهَا قَالَتْ اكْتُبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وَهِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ.
وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ ".
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: أَنَّهَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَهُوَ قَوْلُ قَبِيصَةَ؛ لِأَنَّهَا فِي وَسَطِ الْعَدَدِ لَيْسَتْ بِأَقَلِّهَا وَلَا بِأَكْثَرِهَا وَلَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَجْعَلْ لَهَا إِلَّا وَقْتًا وَاحِدًا لَا تَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهُ.
وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: أَنَّهَا إِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا وَهُوَ قَوْلُ نَافِعٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ، لِأَنَّ إِبْهَامَهَا وَتَرْكَ تَعْيِينِهَا أَحَبُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ لِجَمِيعِهَا وَأَبْعَثُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى سَائِرِهَا فَكَانَ أَوْلَى مِنَ التَّعْيِينِ الْمُفْضِي إِلَى إهمال ما سوها، فَهَذِهِ مَذَاهِبُ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى اختلافها، أما مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَالَّذِي يَصِحُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا صَلَاةُ الصبح استدلالا، لكن مَهْمَا قُلْتُ قَوْلًا فَخَالَفْتُ فِيهِ خَبَرًا فَأَنَا أَوَّلُ رَاجِعٍ عَنْهُ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ نَقْلًا صَحِيحًا بِأَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَصَارَ مَذْهَبُهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي مَهَّدَهُ، أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ دُونَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنَ الصُّبْحِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا وَهِمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فهذا ما ورد نفي كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَأَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ تَحْدِيدِ أَوْقَاتِهَا أَوَّلًا وَآخِرًا وَاخْتِيَارًا وَجَوَازًا.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute