فَرْعٌ: وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ بِامْرَأَةٍ وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقَهَا، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ النِّكَاحِ يَجْعَلُهَا مَالِكَةً لِزَوْجِهَا، وَإِذَا مَلَكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بَطَلَ النِّكَاحُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا صَحَّ النِّكَاحُ، وَبَطَلَ الصَّدَاقُ.
قِيلَ: لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ قَدْ أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَالِكًا لِبُضْعِهَا بِالنِّكَاحِ، وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مَالِكَةً لِرَقَبَتِهِ بِالصَّدَاقِ، وَلَيْسَ إِثْبَاتُ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنَ النِّكَاحِ الْآخَرِ فَبَطَلَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ، جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهَذَا الْعَقْدِ مِلْكًا لِسَيِّدِ زَوْجَتِهِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ فِي مِلْكِ سَيِّدٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَسْأَلَةَ بِحَالِهَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ سَيِّدُهُ الْمُزَوِّجُ لَهُ بِنِصْفِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ أَصْدَقَ عَنْ عَبْدِهِ مَالًا ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ فَهَلْ يَكُونُ نِصْفُ الصَّدَاقِ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَذَلَهُ عَنْهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ الثَّانِي الَّذِي طَلَّقَ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute