طَلْقَاتٍ بِأَلْفٍ، فَإِنَّمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْضًا كَمَا يَتَحَالَفُ الْمُتَبَايِعَانِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَإِذَا تَحَالَفَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَ مِنَ الطَّلَاقِ إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ مِنَ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ فِيهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ سُمِعَ فِيهَا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وشَاهِد يَمِين لِأَنَّهُمَا لِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: خَالَعْتُكِ عَلَى ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ بِأَلْفٍ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: بَلْ عَلَى طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِ مَا ادَّعَتْ وَزِيَادَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ، وَعَدَدِ الطَّلَاقِ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: خَالَعْتُكِ عَلَى طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ، وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ: خَالَعْتَنِي عَلَى ثَلَاثٍ بِمِائَةٍ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْضًا، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مِنَ الطَّلَاقِ إِلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ، وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: خَالَعْتُكِ عَلَى ثَلَاثٍ بِمِائَةٍ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: خَالَعْتَنِي عَلَى وَاحِدَةٍ بِأَلْفٍ، فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهَا عَلَى مَا ذَكَرَتْ مِنَ الطَّلَاقِ، وَنَقَصَهَا فِيمَا اعْتَرَفَتْ بِهِ مِنَ الْعِوَضِ.
فَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ وُجُوبِ التَّحَالُفِ بِالِاخْتِلَافِ وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ بِقَوْلِ الْحَالِفِ مِنْهُمَا عَلَى الناكل.
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ وَقَالَتْ بَلْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ مُقِرٌ بِطَلَاقٍ لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَيَلْزَمُهُ وَهُوَ مُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ بِدَعْوَاهُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الْخُلْعِ، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ.
فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْخُلْعِ، فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ، فَلَا تَحَالُفَ فِيهِ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُنْكِرِهِ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لَمْ يَتَحَالَفَا، وَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ المنكر مع يمينه، كذلك هاهنا، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى، وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ بِالْإِنْكَارِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الْخُلْعِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الزَّوْجُ، وَتُنْكِرَهُ الزَّوْجَةُ أَوْ تَدَّعِيَهُ الزَّوْجَةُ، وَيُنْكِرَهُ الزَّوْجُ.
فَإِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: قَدْ طَلَّقْتُكِ وَاحِدَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّتِكِ، أَوْ عَلَى عَبْدِكِ هَذَا، فَتَقُولُ: بَلْ طَلَّقْتَنِي مُتَبَرِّعًا بِغَيْرِ بَذْلٍ، فَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَهِيَ شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، لِأَنَّهَا بَيِّنَةُ إِثْبَاتِ مَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، إِذَا حَلَفَتْ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ بَائِنًا لَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهِ لِاعْتِرَافِهِ بِسُقُوطِ رَجْعَتِهِ، وَلَا شَيْءَ له عليها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute