للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: الْجُرْحُ، إِمَّا بِقَطْعِ طَرَفٍ أَوْ إِنْهَارِ دَمٍ، فَهُوَ إِكْرَاهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إِدْخَالِ أَلَمٍ، وَأَنَّهُ رُبَّمَا سَرَى إِلَى النَّفْسِ.

وَالثَّالِثُ: الضَّرْبُ، فَيَكُونُ إِكْرَاهًا لِأَلَمِهِ وَضَرَرِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الشَّطَارَةِ وَالصَّعْلَكَةِ الَّذِينَ يَتَبَاهَوْنَ فِي احْتِمَالِ الضَّرْبِ، وَيَتَفَاخَرُونَ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ إِكْرَاهًا فِي أَمْثَالِهِمْ.

وَالرَّابِعُ: الْحَبْسُ، فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُهَدِّدَهُ بِطُولِ الْحَبْسِ فَيَكُونَ إِكْرَاهًا، لِدُخُولِ الضَّرَرِ بِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَصِيرَ الزَّمَانِ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَكُونَ إِكْرَاهًا لِقُرْبِهِ وَقِلَّةِ ضَرَرِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ طُولُهُ وَلَا قِصَرُهُ فَيَكُونَ إِكْرَاهًا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَحْبُوسِ عَلَى شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ إِلَّا بَعْدَ فِعْلِهِ وَحُكْمُ الْقَيْدِ، إِذَا هدر به كحكم الحبس، لأن أحد المانعين من التَّصَرُّفِ.

وَالْخَامِسُ: أَخْذُ الْمَالِ، فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا يُؤَثِّرُ أَخْذُهُ فِي حَالِهِ فَيَكُونَ إِكْرَاهًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَالِهِ فَلَا يَكُونَ إِكْرَاهًا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَالِهِ لِسِعَةِ مَالِهِ، فَفِي كَوْنِهِ مُكْرَهًا بِأَخْذِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُكْرَهًا بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَنْفُوسِ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا يكون إكراها اعتباراً بما له التي لا يؤثر المأخوذ فيها.

وَالسَّادِسُ: النَّفْيُ عَنْ بَلَدِهِ، فَنَنْظُرُ حَالَهُ، فَإِنْ كان ذا ولد وأهل مال لَا يَقْدِرُ عَلَى نَقْلِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُ كَانَ إِكْرَاهًا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى نَقْلِهِمَا وَمُكِّنَ مِنْهُمَا فَفِي كَوْنِهِ إِكْرَاهًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ إِكْرَاهًا لِتَسَاوِي الْبِلَادِ كُلِّهَا فِي مُقَامِهِ فِيمَا شَاءَ مِنْهَا.

وَالثَّانِي: يَكُونُ إِكْرَاهًا لِأَنَّ النَّفْيَ عُقُوبَةٌ كَالْحَدِّ، وَلِأَنَّ فِي تَغْرِيبِهِ عَنْ وَطَنِهِ مَشَقَّةٌ لَاحِقَةٌ بِهِ.

وَالسَّابِعُ: السَّبُّ وَالِاسْتِخْفَافُ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ وَسَفَلَتِهِمُ الَّذِينَ لَا يَتَنَاكَرُونَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَا يُغَضُّ لَهُمْ جَاها، فَلَا يَكُونَ ذَلِكَ إِكْرَاهًا فِي أَمْثَالِهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنَ الصِّيَانَاتِ وَذَوِي الْمُرُوءَاتِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>