الْمُتَوَفَّاةَ قَبْلَهُ مُطَلَّقَةٌ، فَلَا مِيرَاثَ لَنَا مِنْهَا وَالْبَاقِيَةَ بَعْدَهُ زَوْجَةٌ فَلَهَا الْمِيرَاثُ مَعَنَا، فَقَدْ بَيَّنَ مَا يَضُرُّهُ، فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيهِ، لِأَنَّ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ مِنْ مِيرَاثِ الْبَاقِيَةِ قَدْ صُدِّقَ عَلَيْهِ، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ قَدْ أَسْقَطَهُ فَلَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَيَّنَ مَا يَنْفَعُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ: الْمَيِّتَةُ هِيَ الزَّوْجَةُ فَلَنَا الْمِيرَاثُ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَالْبَاقِيَةُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مَعَنَا، فَإِنْ صُدِّقَ عَلَى ذَلِكَ زَالَ النِّزَاعُ، وَحُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ، فَأُعْطِيَ مِيرَاثَ الْمَيِّتَةِ، وَمُنِعَ مِنْ مِيرَاثِ الْحَيَّةِ. وَإِنْ أُكْذِبَ عَلَيْهِ وَقَالَ وَارِثُ الْمَيِّتَةِ: هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَكُمْ مِنْهَا.
وَقَالَتِ الْبَاقِيَةُ: أَنَا الزَّوْجَةُ فَلِيَ الْمِيرَاثُ مَعَكُمْ، فَفِيهِ قَوْلَانِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا، وَتِلْكَ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ بِنَاءً عَلَيْهَا، وَمَخْرَجُهُ مِنْهَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: إِنَّهُ يَرْجِعَ إِلَى بَيَانِ الْوَارِثِ، فَيَحْلِفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ عَلَى الْعِلْمِ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ طَلَاقِ غَيْرِهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَيَسْتَحِقُّ مِنْ تَرِكَتِهَا مِيرَاثَ زَوْجٍ، وَيَحْلِفُ لِلْبَاقِيَةِ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى إِثْبَاتِ طَلَاقِهَا فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ طَلَّقَهَا وَيَسْقُطُ مِيرَاثَهَا مِنَ الزَّوْجِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى بَيَانِ الْوَارِثِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ، وَيَكُونُ مَا عُزِلَ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ مَوْقُوفًا حَتَّى يَصْطَلِحَ عَلَيْهِ وَارِثُهَا وَوَارِثُ الزَّوْجِ. وَمَا عُزِلَ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ مَوْقُوفًا حَتَّى تَصْطَلِحَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ الْبَاقِيَةُ وَوَارِثُ الزَّوْجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute