للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البقرة: ٢٢٦] وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَتَقْدِيرُهُ: لِلَّذِي يُؤْلُونَ أَنْ يَعْتَزِلُوا مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتُرِكَ أَنْ يَعْتَزِلُوا اكتفاءاً بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ، وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى.

والثاني: أنه يكون مولياً بكل يمين التزام بِالْحِنْثِ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ سَوَاءٌ كَانَ حَالِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.

وَفِيمَا يَصِيرُ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ مُولِيًا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْيَمِينُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا فَيَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا هُوَ الْإِيلَاءُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَلَا يَكُونُ مُولِيًا إِذَا حَلَفَ عَلَى غَيْرِ الْوَطْءِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى مِسَاسِ زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ إِذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.

ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] يَعْنِي انْتِظَارَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُؤَجَّلُ بِهَا الْمُولِي، وَفِيهَا مَذْهَبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا أَجْلٌ مُقَدَّرٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَجْلٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَهَا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ.

ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] أَيْ رَجَعُوا، وَالْفَيْئَةُ: الرُّجُوعُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] أَيْ تَرْجِعَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ.

(فَفَاءَتْ وَلَمْ تَقْضِ الَّذِي أَقْبَلَتْ لَهُ ... ومن حاجة الإنسان مما ليس قاضياً)

وفيما أريد بالفيئة ها هنا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْجِمَاعُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

وَالثَّانِي: هُوَ الْمُرَاجَعَةُ بِاللِّسَانِ بِكُلِّ مَا أَزَالَ مَسَاءَتَهَا وَدَفْعَ الضَّرَرَ عَنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ مِنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْيَمِينُ عَلَى مَسَاءَتِهَا وَقَصْدِ الْإِضْرَارِ بِهَا {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] ، وفيه تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: غَفُورٌ لِمَآثِمِهِ مَعَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>