يَبْتَاعُهُ إِنْ شَاءَ، قِيلَ الظَّاهِرُ مِنَ الْأَمْلَاكِ اقْتِنَاؤُهَا وَاسْتِيفَاؤُهَا، وَفِي بَيْعِهَا ضَرَرٌ، وَفِي تَمْلِيكِ الْغَيْرِ لَهَا أَسَفٌ، وَفِي اسْتِرْجَاعِهَا تَعَذُّرٌ، فَصَارَ الضَّرَرُ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ كَتَوَجُّهِهِ فِي عِتْقِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِخْرَاجُهَا مِنَ الْبَلَدِ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ نزهة، وفي إِخْرَاجِهَا إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، فَافْتَرَقَا، فَلَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى أُخْرِجَكِ إِلَى بَلَدِ كَذَا، فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي حَلَفَ أَنْ يُخْرِجَهَا إِلَيْهِ عَلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، فَلَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى أَهَبَ عَبْدِي كَانَ مُولِيًا لِأَنَّ فِي هِبَتِهِ إِدْخَالَ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى أَعْتِقَ عَبْدِي، فَاسْتَوَيَا فِي الضَّرَرِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ أَضَرَّ لِعَدَمِ الثَّوَابِ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى أَبِيعَ عَبْدِي فَفِي إِيلَائِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُولِيًا لِتَعْلِيقِ ذَلِكَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، فَصَارَ الضَّرَرُ بِبَيْعِهِ دَاخِلًا عَلَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا وَجَدَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَوْ قِيلَ إِنْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِبَيْعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْفَيْئَةِ كَانَ مُولِيًا بِبَيْعِهِ، كَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَالِ التِّجَارَةِ مُفِيدٌ، وَبَيْعَ مَالِ الْفَيْئَةِ مُضِرٌّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا ثَالِثًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute