للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْذِفَ، فَيَصِيرُ الْقَذْفُ لِوُجُوبِ اللِّعَانِ الَّذِي لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَلَوْلَا الْحَمْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُلَاعِنَهَا أَوْ يُمْسِكَ، وَهُوَ أن يطأها ولا يستبريها، وَيَرَى رَجُلًا يَزْنِي بِهَا، فَيَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ اللِّعَانِ بَعْدَ الْقَذْفِ أَوِ الْإِمْسَاكِ، فَأَمَّا نَفْيُ الْوَلَدِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ جَازَ أَنْ يَنْفِيَهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ جَازَ أَنْ يُغَلِّبَ فِي نَفْيِهِ حُكْمَ الشَّبَهِ لِأَجْلِ مَا شَاهَدَ مِنَ الزِّنَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل للشبه في زوجة هلال من أُمَيَّةَ حِينَ وَضَعَتْ وَلَدَهَا تَأْثِيرًا وَقَالَ " لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ ".

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ مُلَاعَنَتُهَا وَلَا نَفْيُ وَلَدِهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى إِصَابَتِهَا وَلَا يَرَاهَا تَزْنِي، وَلَا يُخْبَرُ عَنْهَا بِالزِّنَا، وَلَا يَرَى فِي وَلَدِهَا شَبَهًا مُنْكَرًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لِعَانُهَا وَنَفْيُ وَلَدِهَا لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ هُوَ يَرَاهُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُؤوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ".

وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مُلَاعَنَتِهَا: أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ أَسْوَدَ مِنْ بَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، أَوْ أَبْيَضَ مِنْ بين أسودين ولا يراها تزني، ولا يخير بِزِنَاهَا، فَفِي جَوَازِ لِعَانِهِ مِنْهَا وَنَفْيِ وَلَدِهَا بِهَذَا الشَّبَهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِعَانُهَا وَنَفْيُ وَلَدِهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا "، فَجَعَلَ لِلشَّبَهِ تَأْثِيرًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَ مِنْهَا، وَلَا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدَهَا، لِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رجلاً من بني فزار آتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنَّى تَرَاهُ؟ قَالَ: عَنْ أَنْ يَكُونَ عِرْقًا نَزَعَهُ، فَقَالَ: كَذَلِكَ هَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ عِرْقًا نَزَعَهُ ". أَيْ عَسَى أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ مَنْ رَجَعَ بِهَذَا الشَّبَهِ إِلَيْهِ والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>