مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ كَالْأَكْلِ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ لِمَا لَمْ يُؤْمَنْ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ وَالْخَطَأُ فِي الْقِبْلَةِ لِمَا أُمِنَ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ فَلَزِمَ فِيهِ الْقَضَاءُ كَالْخَاطِئِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ النَّجِسِ
وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ إِعَادَةَ الْحَجِّ تَشُقُّ فَسَقَطَ عَنْهُ كَمَا سَقَطَ عَنِ الْمُسَافِرِ قَضَاءُ الْقُصُورِ، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا لَا يَشُقُّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُسَافِرِ قَضَاءُ الصوم
والفصل الثاني: من أسئلته مَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ " الطَّهَارَةِ " " إِذَا تَأَخَّى فِي أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَالْآخَرُ نَجِسٌ فَصَلَّى ثُمَّ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ الطَّاهِرُ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَتَيَمَّمُ وَيُعِيدُ، لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَيْقَنٌ الطَّهَارَةِ. وَلَيْسَ كَالْقِبْلَةِ إِذَا تَأَخَّاهَا لِصَلَاةٍ ثُمَّ رَآهَا لِغَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا وَهِيَ قِبْلَةٌ لِقَوْمٍ يَعْنِي: بِهَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ إِلَى جِهَةٍ ثَانِيَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَيْهَا، وَلَوْ أَدَّاهُ إِلَى طَهَارَةِ الْإِنَاءِ الثَّانِي لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْفَصْلِ أَنْ نَقُولَ إِنَّمَا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ بِالِاجْتِهَادِ
وَالثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الِاجْتِهَادَ ثَانِيًا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْإِنَاءَ الثَّانِيَ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الِاجْتِهَادِ ثَانِيًا، فَأَمَّا قَوْلُهُ وَالَّذِي جَعَلَهُ الْمُزَنِيُّ تَعْلِيلًا وَدَلِيلًا " أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا وَهِيَ قِبْلَةٌ لِقَوْمٍ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا وَهِيَ قِبْلَةٌ لِقَوْمٍ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا وَهِيَ قِبْلَةٌ لِقَوْمٍ، لِأَنَّ الْمَشْرِقَ قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَالْمَغْرِبَ قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ مُصَادَفَةُ هَذَا الْمُصَلِّي جِهَةً هِيَ قِبْلَةٌ لِغَيْرِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ فَرْضَ التوجه إلى جهة
والفصل الثالث: من أسئلته: أنه قال لما جاز صَلَاتَهُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، لِأَنَّهُ أَدَّى مَا كُلِّفَ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ إِصَابَةَ الْعَيْنِ لِلْعَجْزِ عَنْهَا فِي حَالِ الصَّلَاةِ، فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُكَلَّفِ الِاجْتِهَادَ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا كُلِّفَ إِصَابَةَ الْعَيْنِ أَوِ الْجِهَةِ بِاجْتِهَادِهِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ إِذَا أَخْطَأَ الْجِهَةَ، أَوِ الْعَيْنَ لَمْ يُؤَدِّ مَا كُلِّفَ فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْفَرْضُ فِيهِ
وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ: مِنْ أَسْئِلَتِهِ أَنَّهُ قَالَ: احْتِجَاجًا، وَهَذَا قِيَاسٌ عَلَى مَا عَجَزَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ قِيَامٍ، وَقُعُودٍ، وَرُكُوعٍ، وَسُجُودٍ، وَسُنَنٍ أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ سَاقِطٌ عَنْهُ يَعْنِي: أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ مَا ذَكَرَهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ فَرْضُ التَّوَجُّهِ بِالْعَجْزِ عَنْهُ
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِيَامَ وَالسَّيْرَ مَعْنًى مَعْدُومٌ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهُ فَلِذَلِكَ سَقَطَتِ الْإِعَادَةُ فِيهِ لِعَدَمِهِ وَالْقِبْلَةُ غَيْرُ مَعْدُومَةٍ بِالْخَطَأِ فِيهَا فلذلك لم تسقط عنه الإعادة لخطائه