للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا صَحَّ التَّحْكِيمُ فَالْخَصْمَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ مُخَيَّرَانِ فِي الْمُقَامِ عَلَى التَّحْكِيمِ أَوِ الرُّجُوعِ عَنْهُ، فَإِذَا حَكَمَ فَفِي لُزُومِ حُكْمِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِمَا وَلَازِمٌ لَهُمَا، وَغَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى رِضَاهُمَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ لازم لهما إلا بعد الرضى بِالْتِزَامِهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْزَمْ لَكَانَ وَسِيطًا وَلَمْ يَكُنْ حُكْمًا.

فَأَمَّا التَّحْكِيمُ فِي اللِّعَانِ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي لُزُومِ حُكْمِهِ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّ حُكْمَهُ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ لَازِمٌ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّ حُكْمَهُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بالرضى لأن حكم اللعان لا يقع بالرضى وَلَا يَقِفُ عَلَى التَّرَاضِي وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَفْوُ. وَالْإِبْرَاءُ كَالْحُدُودِ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ يَقُولُ: يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاكِمِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ اعْتِبَارًا بِالضَّرُورَةِ فِيهِ، فَأَمَّا السَّيِّدُ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا، فَصَارَ كَالْحَاكِمِ مَعَ غَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>