للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا يَوْمَ قَذَفَهَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةُ الْحَدِّ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَيُعَزَّرُ إِلَّا أن يلتعن ".

قال الماوردي: جملته أَنَّهُمَا إِذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْقَذْفِ، فَقَالَ قَذَفْتُكِ وَأَنْتِ أَمَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ، وَقَالَتْ بَلْ كُنْتُ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً، فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مَعَ الِاحْتِمَالِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُشْرِكَةً مِنْ قَبْلُ، ويجعل أَمْرَهَا فِي الْحَالِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فِي الْحَالِ أَوْ مُسْلِمَةٌ وَيَجْهَلُ أَمْرَهَا مِنْ قَبْلُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَجْهَلَ أَمْرَهَا مِنْ قَبْلُ وَفِي الْحَالِ فَلَا يَعْلَمُ لَهَا حُرِّيَّةً ولا رق، ولا إسلام ولا شرك.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُشْرِكَةً مِنْ قَبْلُ وَيَجْهَلُ أَمْرَهَا فِي الْحَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا أَمَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ، وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ فَيُحَدُّ.

لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ شِرْكٍ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا فِي الْحَالِ حُرَّةٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ، وَيَجْهَلُ أَمْرَهَا مِنْ قَبْلُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ حُرَّةً مُسْلِمَةً مِنْ قَبْلُ، وَيُحَدُّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُشْرِكَةً مِنْ قَبْلُ فَيُعَزَّرُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَقَدُّمُ مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ مِنْ حُرِّيَّةٍ أَوْ إِسْلَامٍ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَجْهَلَ أَمْرَهَا فِي الْحَالِ وَمِنْ قَبْلُ، فَلَا يعرف لها حرية ولا رق ولا إسلام ولا شرك، فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْقَذْفِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاذِفِ دُونَ المقذوف الذي نَصَّ عَلَيْهِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْقَتْلِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ دُونَ الْقَاتِلِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ نَقَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَوَابَيْنَ إِلَى الْآخَرِ وَخَرَّجُوا الْقَذْفَ وَالْقَتْلَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاتِلِ وَالْقَاذِفِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ تَجْمَعُهُمْ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَقْذُوفِ وَوَلِيِّ الْمَقْتُولِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِسْلَامُ أَهْلِهَا وَحُرِّيَّتُهُمْ فَأُجْرِيَ حُكْمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فِيهَا، كَمَا يَجْرِي عَلَى اللَّقِيطِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَهَذَا حَدُّ وَجْهَيْ أَصْحَابِنَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ حَمَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَوَابَيْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَجَعَلُوا فِي الْقَذْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>