للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقول الرابع: إن اسْمٌ يَنْطَلِقُ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ مُعْتَادٍ إِلَى مُعْتَادٍ فَيَتَنَاوَلُ الِانْتِقَالَ مِنَ الْحَيْضِ إِلَى الطُّهْرِ، وَالِانْتِقَالَ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، كَمَا يُقَالُ: أَقْرَأَ النَّجْمُ إِذَا طَلَعَ وَأَقْرَأَ إِذَا غَابَ قَالَ الشَّاعِرُ:

(إِذَا مَا الثُّرَيَّا وَقَدْ أَقْرَأَتْ ... أَحَسَّ السِّمَا كَانَ مِنْهَا أُفُولَا)

وَيُقَالُ قَرَأَتْ إِذَا انْتَقَلَتْ مِنْ شَمَالٍ إِلَى جَنُوبٍ أَوْ مِنْ جَنُوبٍ إِلَى شَمَالٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:

(كَرِهْتُ الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلِ ... إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ)

وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَقْرَاءَ الْعِدَّةِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْحَيْضِ أَوِ الطُّهْرِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُرَادُ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضُ دُونَ الطُّهْرِ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَحَكَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِنَ التَّابِعَيْنِ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ: وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ؛ الزَّهْرِيُّ وَابْنُ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَمَالِكٌ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ حَزْمٍ: أَنَّهُ قَالَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْأَقْرَاءِ خِلَافًا لِمَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَنَا أَعْلَمُ فِيهَا بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا لَا أُحْسِنُ أَنْ أُفْتِيَ فِيهَا بِشَيْءٍ فَتَوَقَّفَ.

وَتَأْثِيرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي حُكْمِ الْمُعْتَدَّةِ أَنَّ مَنْ جَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارَ قَالَ: إِنْ طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ قُرْءًا فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتِ الطُّهْرَ الثَّانِيَ كَانَ قُرْءًا ثَانِيًا فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتِ الطُّهْرَ الثَّالِثَ حَتَّى بَرَزَ دَمُ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ كَانَ قُرْءًا ثَالِثًا، وَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا.

وَإِنْ طُلِّقَتْ فِي الْحَيْضِ فَإِذَا بَرَزَ دَمُ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا.

وَمَنْ قَالَ الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ قَالَ إِنْ طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ لَمْ تُعَدَّ بِمَا طُلِّقَتْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>