فَأَمَّا الْقِيَاسُ فَقِيَاسَانِ.
أَحَدُهُمَا: مَا أَثْبَتَ الطُّهْرَ.
وَالثَّانِي: مَا نَفَى الْحَيْضَ. فَأَمَّا مَا أَثْبَتَ الطُّهْرَ فَقِيَاسَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ إِذَا تَعَقَّبَهُ طُهْرٌ أَوْجَبَ الِاعْتِدَادَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ كَالصَّغِيرَةِ وَالْمُؤَيَّسَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعِدَّةَ إِذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى خَارِجٍ مِنَ الرَّحِمِ كَانَ الِاعْتِدَادُ بِحَالِ كُمُونِهِ دُونَ ظُهُورِهِ كَالْحَمْلِ.
وَأَمَّا مَا نَفَى الْحَيْضَ فَقِيَاسَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ إِذَا تَعَقَّبَهُ حَيْضٌ لَمْ يَقَعِ الِاعْتِدَادُ بِهِ كَالْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ دَمٌ لَا يَقَعُ الِاعْتِدَادُ بِبَعْضِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَدَّ بِجَمِيعِهِ كَدَمِ النِّفَاسِ وَأَمَّا الِاشْتِقَاقُ فَهُوَ أَنَّ الْقُرْءَ مِنْ قرأ يقرى أي جميع وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ قَرَا الطَّعَامَ فِي فَمِهِ، وَقَرَا الْمَاءَ فِي جَوْفِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَقْرَاةً لِاجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِيهِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
(فَتُوضِحَ فَالْمَقْرَاةُ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...)
وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الْقَرْيَةُ قَرْيَةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، وَسُمِّيَ الْقُرْآنُ قُرْآنًا لِاجْتِمَاعِهِ قَالَ اللَّهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨] يَعْنِي إِذَا جَمَعْنَاهُ فَاتَّبِعِ اجْتِمَاعَهُ وقيل: ما قرأت الناقة ساقط أَيْ مَا ضَمَّتْ رَحِمًا عَلَى وَلَدٍ، قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ نَاقَةٍ لَهُ.
(تُرِيكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى خَلَاءٍ ... وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونُ الْكَاشِحِينَا)
(ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا)
أَيْ لَمْ يَجْمَعْ بَطْنُهَا وَلَدًا وَإِذَا كَانَ الْقُرْءُ هُوَ الْجَمْعَ كَانَ بِالطُّهْرِ أَحَقَّ مِنَ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الطُّهْرَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ وَالْحَيْضَ خُرُوجُ الدَّمِ مِنَ الرَّحِمِ، وَمَا وَافَقَ الِاشْتِقَاقَ كَانَ أَوْلَى بِالْمُرَادِ مِمَّا خَالَفَهُ.
وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَزَمَانُ الطُّهْرِ أَخَصُّ بِحُقُوقِهِ مِنْ