للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا كَانَ الْبَاقِي لِحَمْلِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنِ اسْتِخْرَاجِهِ وَرَجَعَ عُثْمَانُ، وَمَنْ حَضَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إِلَى قَوْلِهِ فَصَارَ إِجْمَاعًا.

وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْوُجُودِ فَمَا حُكِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وُلِدَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَةِ أَخِيهِ الْحَسَنِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا.

وَأَمَّا مُدَّةُ أَكْثَرِ الْحَمْلِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّتِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَكْثَرُ مُدَّتِهِ سَبْعُ سِنِينَ وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: رُوِيَ عَنْهُ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَرُوِيَ خَمْسُ سِنِينَ، وَرُوِيَ سَبْعُ سِنِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْثَرُ مُدَّتِهِ سَنَتَانِ.

وبه قال المزني استدلالا بقول اللَّهِ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] فَجَعَلَهَا مَقْصُورَةً عَلَى الْمُدَّتَيْنِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ هَاتَيْنِ الْمُدَّتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا فَلَمْ يَجُزِ الِانْتِقَالُ عَنْهُمَا إِلَّا بِإِجْمَاعٍ أَوْ دَلِيلٍ.

وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا احْتَاجَ إِلَى حَدٍّ وَتَقْدِيرٍ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّرْ بِشَرْعٍ وَلَا لُغَةٍ كَانَ مِقْدَارُهُ بِالْعُرْفِ وَالْوُجُودِ كَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَقَدْ وُجِدَ مِرَارًا حَمْلٌ وُضِعَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ رَوَى دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ وَحَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَيْ عشر سَنَةً تَحْمِلُ كُلَّ بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ.

وَرَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَشْهُورٌ عِنْدَنَا كَانَتِ امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ تَحُولُ وَتَضَعُ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَانَتْ تُسَمَّى حَامِلَةَ الْفِيلِ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْقُرَشِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَأَى رَجُلًا فَقَالَ: إِنَّ أَبَا هَذَا غَابَ عَنْ أُمِّهِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ قَدِمَ فَوَضَعَتْ هَذَا، وَلَهُ ثَنَايَا.

وَرَوَى هِشَامُ بْنُ يَحْيَى الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَيْنَمَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَوْمًا جَالِسٌ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا يَحْيَى ادْعُ لِامْرَأَتِي حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدْ أَصْبَحَتْ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ فَغَضِبَ مَالِكٌ وَأَطْبَقَ الْمُصْحَفَ، وَقَالَ: مَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إِلَّا أَنَّا أَنْبِيَاءُ ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>