بِالثَّانِي فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ آخِرِ دُخُولِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ يُلْحَقْ بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي لِتَجَاوُزِ مُدَّةِ أَكْثَرِ الْحَمْلِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ، وَلِقُصُورِهِ عَنْ مُدَّةِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فِي حَقِّ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: كَالْبَائِنِ لَا يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُلْحَقُ بِهِ وَيَكُونُ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ التَّفْرِيعُ لِدُخُولِ حُكْمِ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُلْحَقِ الْوَلَدُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِما عِدَّتَانِ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَكُلُّ عِدَّةِ الثَّانِي وَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَنْ تَرَى فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ دَمًا أَوْ لَا تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَرَ عَلَيْهِ دَمًا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَسْقُطُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ تَخْرِيجًا - أَنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ، لِأَنَّ نَفْيَهُ لَا يَمْنَعُ مِنِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ كَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ، فَعَلَى هَذَا تَنْقَضِي بِهِ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِعِدَّةٍ أَوْ فِي الْعِدَّتَيْنِ احْتِيَاطًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا - أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ بَاقِيَتَانِ لَا تَسْقُطُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِوَضْعِهِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ مَوْضُوعَةٌ لِحِفْظِ مَاءٍ مُسْتَلْحَقٍ، وَهَذَا الْحَمْلُ غَيْرُ لَاحِقٍ فَخَرَجَ زَمَانُهُ عَنْ حُكْمِ الْعِدَّةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْتَكْمِلَ بَعْدَ دَمِ نِفَاسِهَا مَا بَقِيَ مِنْ عدة الأول، وهي قرءان ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ بَعْدَهُمَا عِدَّةَ الثَّانِي، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، فَإِنْ رَأَتْ عَلَى الْحَمْلِ دَمًا، فَإِنْ قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ كَانَتْ فِي حكم من لم ترد دَمًا عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ حَيْضٌ، وَقِيلَ: إِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْحَمْلِ لَمْ يَجُزْ أن تعتد بالحيض الذي على الحمل، لأن لا تَتَدَاخَلَ عِدَّتَانِ فِي حَقَّيْ شَخْصَيْنِ، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِالْحَمْلِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَائِهِ عَنْهُمَا، فَهَلْ تَحْتَسِبُ حَيْضَهَا عَلَيْهِ مِنْ أَقْرَاءِ عِدَّتِهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لا نحتسب بِهِ عِدَّةَ أَقْرَائِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَعْتَدَّ بِالْحَمْلِ فَأَوْلَى أَنْ لَا تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ الَّتِي عَلَى الْحَمْلِ، وَيَكُونُ زَمَانُ الْحَمْلِ كُلُّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِدَّتَيْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنِ اسْتِئْنَافِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَحْتَسِبُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ أَقْرَائِهَا، لِأَنَّهُ إِذَا سَقَطَ حُكْمُ الْحَمْلِ مِنَ الْعِدَّةِ ثَبَتَ فِيهَا حُكْمُ الْأَقْرَاءِ وَكَمَا تَعْتَدُّ بِهَا مَعًا إِذَا كَانَتِ الْعِدَّتَانِ مَعًا مِنْ صَاحِبِ الْحَمْلِ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ مِنْ قَبْلُ، فَعَلَى هَذَا إِذَا مَضَتْ لَهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ خَمْسَةُ أَقْرَاءٍ انْقَضَتْ عدتاها قرءان مِنْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ هِيَ عِدَّةُ الثَّانِي لَكِنْ لَا يُحْكَمُ لَهَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute