أَحَدُهُمَا: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا قِيلَ إِنْ نَفَقَةَ الْحَامِلِ لِكَوْنِهَا حَامِلًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهَا النَّفَقَةُ إِذَا قِيلَ لِحَمْلِهَا وَفِي تَعْجِيلِهَا وَتَأْجِيلِهَا قَوْلَانِ: فَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ الْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا مِنْ بَعْدِ انْقِطَاعِ دَمِ نِفَاسِهَا، لِأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ بَعْدِ الْوِلَادَةِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَعْتَدَّ بِالنِّفَاسِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا حَائِضًا كَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ فِي حَيْضِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَدَّةٍ بِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُلْحَقَ الْوَلَدُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا، لِأَنَّهُ غَيْرُ لَاحِقٍ به ولا في حال عدتها في الثَّانِي لِفَسَادِ نِكَاحِهِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً مِنْهُ فَكَذَلِكَ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ الْمَنْظُورُ أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَنَفَقَتُهَا مُعْتَبَرَةٌ بِطَلَاقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: رَجْعِيٍّ، وَبَائِنٍ فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالنَّفَقَةُ فِي عِدَّتِهِ مُسْتَحَقَّةٌ وَيَتَرَتَّبُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْحَمْلِ إِنْ لَحِقَ بِالثَّانِي، فَهَلْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يُلْحَقَ بِالثَّانِي فَتَسْقُطَ نَفَقَتُهُ وَبَيْنَ أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَوَّلِ فَتَجِبَ نَفَقَتُهُ فَصَارَتْ نَفَقَتُهُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ وُجُودٍ وَإِسْقَاطٍ فَلَمْ تَجِبْ لَكِنَّهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ مُسْتَحِقَّةٌ لِلنَّفَقَةِ لِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً وَنَفَقَتُهَا مُعَجَّلَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَعِدَّتُهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِالْحَمْلِ إِنْ لَحِقَ بِهِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ إِنِ انْتَفَى عَنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ بِنَفَقَةِ أَقْصَى الْمُدَّتَيْنِ لِاسْتِحْقَاقِهَا يَقِينًا، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَقْصَرَ أُخِذَ بِنَفَقَتِهَا فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْأَقْرَاءِ أَقْصَرَ أُخِذَ بِنَفَقَةِ قُرْأَيْنِ، لِأَنَّهُمَا قَدْرُ الْبَاقِي مِنْ عِدَّتِهِ، ثُمَّ يُرَاعَى حَالُ الْحَمْلِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ، فَإِنْ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ تَقَدَّرَتْ نَفَقَتُهَا بِمُدَّةِ الْحَوْلِ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَقْصَرَ الْمُدَّتَيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَتْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي مِنْهَا، وَإِنْ لَحِقَ بِالثَّانِي تَقَدَّرَتْ نَفَقَتُهَا بِمُدَّةِ الْقُرْأَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ أَقْصَرَ الْمُدَّتَيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَتْهَا، وَهَلْ تَسْتَحِقُّ مَعَهَا نَفَقَةَ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ الْمُدَّتَيْنِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا، وَهَلْ يُضَافُ إِلَيْهَا مُدَّةُ النِّفَاسِ أَمْ لا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute