فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَهُوَ الزَّوْجُ الْمَوْرُوثُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا يَكُونُ أَوَّلَهَا وَقْتُ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ فِرَاشًا لِلثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى فِرَاشِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي بَدَأَتْ بِعِدَّةِ الْأَوَّلِ وَاسْتَحَقَّتْ مِيرَاثَهُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ يُورَثُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ مَوْتِهِ بِالْأَقْرَاءِ دُونَ الشُّهُورِ، لِأَنَّهَا عِدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ لَا عِدَّةَ زَوْجِيَّةٍ فَتَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِ الْأَوَّلِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّهَا فِرَاشٌ لِلْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ وَفِرَاشٌ لِلثَّانِي بِالْوَطْءِ فَرَاعَيْنَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ أَنْ تَبْتَدِئَهَا بَعْدَ رَفْعِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ مُسْتَحَقٌّ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَلَا يُعْلَمُ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَكْثَرَ الْأَجَلَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، أَوْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الميت فقد انقضت عدته بأربعة أشهر وعشراً، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي هُوَ الْمَيِّتُ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يَمُوتَا مَعًا فَلَا يَخْلُو حَالُ مَوْتِهِمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إِمَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مَوْتُ الْأَوَّلِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مَوْتُ الثَّانِي، وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُجْهَلَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَوْتُ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَمُوتَ الثَّانِي بَعْدَهُ فَتَبْدَأُ بِعِدَّةِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ الثَّانِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَلَهَا مِيرَاثُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَوْتُ الثَّانِي ثُمَّ يَمُوتَ الْأَوَّلُ بَعْدَهُ فَأَوَّلُ عِدَّتِهَا مِنَ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ ثُمَّ يُرَاعَى مَوْتُ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّةِ الثَّانِي فَقَدْ وَفَّتْ عِدَّةَ الثَّانِي، وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ عِدَّةَ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ الْأَوَّلُ فِي تَضَاعِيفِ عِدَّةِ الثَّانِي، كَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ قُرْءٍ وَاحِدٍ مِنْ عِدَّتِهِ فَتَقْطَعُ وَفَاةُ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الثَّانِي لِصِحَّةِ عَقْدِهِ وَقُوَّةِ حَقِّهِ وَتَعْتَدُّ مِنْهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْهَا عَادَتْ فَتَمَّتْ عِدَّةُ الثَّانِي، وَبَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَهُوَ قُرْءٌ وَاحِدٌ فَتَأْتِي بِقُرْأَيْنِ، وَقَدْ حَلَّتْ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ، وَهَكَذَا لَوْ وُطِئَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ بِشُبْهَةٍ فَشَرَعَتْ فِي الِاعْتِدَادِ مِنْ وَطْئِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فِي تَضَاعِيفِ عِدَّتِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا انْقَطَعَتْ عِدَّةُ الْوَطْءِ، وَلَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ لِلزَّوْجِ مِنْ طَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ، فَإِذَا أَكْمَلَتْ عِدَّتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute