للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَيَتْبَعَهُ الْمُرْضَعُ، وَيَكُونَ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ يُلْحَقُ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَيَتْبَعَهُ الْمُرْضَعُ، وَيَكُونَ ابْنًا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنْتَفِيَ الْمَوْلُودُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَيَتْبَعَهُ الْمُرْضَعُ، وَيَنْتَفِيَ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ إِلْحَاقَ الْمُرْضَعِ بِالْأَوَّلِ لِثُبُوتِ لَبَنِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَلِدِ الْمُرْضِعَةُ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لَأَنَّ لَبَنَ الْوِلَادَةِ قَاطِعٌ لِحُكْمِ مَا تَقَدَّمَهُ فَإِذَا انْتَفَتِ الْوِلَادَةُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَوْلَى أَنْ يَنْتَفِيَ الرَّضَاعُ عَنْهُمَا.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُ الْمَوْلُودِ بكل واحد منهما فيرى المولد لِلْقَافَةِ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالْأَوَّلِ لَحِقَ بِهِ وَتَبِعَهُ الْمُرْضَعُ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالثَّانِي لَحِقَ بِهِ، وَتَبِعَهُ الْمُرْضَعُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْقَافَةِ أَوْ عُدِمُوا وُقِفَ الْمَوْلُودُ إِلَى زَمَانِ الْأَنْسَابِ، فَإِذَا انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ وَتَبِعَ الْمُرْضَعُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِانْتِسَابِ، وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِسَابِ، فَإِذَا انْتَسَبَ إِلَى أحدهما لَحِقَ بِهِ وَتَبِعَهُ الْمُرْضَعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ صَارَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلُودِ مَعْدُومًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " ضَاعَ نَسَبُهُ " وَمَعْنَاهُ: ضَاعَ النَّسَبُ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي الْمُرْضَعِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُمَا جَمِيعًا بِخِلَافِ الْمَوْلُودِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْلُودِ أَبَوَانِ مِنْ نَسَبٍ، لِأَنَّهُ لَا يُخْلَقُ إِلَّا مِنْ مَاءِ أَحَدِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَوَانِ مِنْ رَضَاعٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُرْتَضَعُ مِنْ لَبَنِهِمَا وَيَكُونُ غِذَاءُ اللَّبَنِ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ اللَّبَنَ قَدْ يَحْدُثُ بِالْوَطْءِ تَارَةً وَبِالْوِلَادَةِ أُخْرَى فَلِذَلِكَ صَارَ الْمُرْضَعُ ابْنًا لَهُمَا، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ ضَعْفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ صَارَ ابْنًا لَهُمَا بِمَوْتِ الْوَلَدِ لَمَا جَازَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا بِحَيَاةِ الْوَلَدِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ نُزُولَ اللَّبَنِ إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى الْوَاطِئِ بِالْوِلَادَةِ لَا بِالْوَطْءِ، لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهَا بِوَطْئِهِ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ وَلَدًا لَمْ يَصِرِ ابْنًا لِلزَّوْجِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ فَيَصِيرَ اللَّبَنُ لَهُ وَالْمُرْضَعُ بِهِ ابْنًا لَهُ فَهَذَا قَوْلٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْمُرْضَعَ يُنْسَبُ إِلَى أَحَدِهِمَا، كَمَا كَانَ الْمَوْلُودُ يُنْسَبُ إلى أحدهما لأنهذذ تَابِعٌ لَهُ فَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا انْتَسَبَ الْمَوْلُودُ، لِأَنَّ الطَّبْعَ جَاذِبٌ وَالشَّبَهَ غَالِبٌ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>