أَحَدُهُمَا: وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ " يَعْنِي أَنَّ اللَّبَنَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مِنْ رَجُلَيْنِ كَمَا أَنَّ الْمَوْلُودَ لَا يَكُونُ مِنْ أَبَوَيْنِ.
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرْضَعُ ابْنًا لِلْأَوَّلِ مَا لَمْ تَضَعْ حَمْلَ الثَّانِي، فَإِذَا وَضَعَتْهُ صَارَ الْمُرْضَعُ بَعْدَ وَضْعِهِ ابْنًا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرْضَعُ ابْنًا لَهُمَا، كَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ ابْنًا لَهُمَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَمَنْ فَرَّقَ قَالَ هُوَ بَيْنَهُمَا جَمِيعًا " يَعْنِي وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ فَجَعَلَ اللَّبَنَ لِرَجُلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ لِأَبَوَيْنِ، لأنه يجوز أن يكون للمرضع أمين، ولا يجوز أن يكون للمولود أمين.
فعلى هذا يجوز أن يكون للمرضع بِاللَّبَنِ الزَّائِدِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ ابْنًا لَهُمَا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ إِلَّا لِأَحَدِهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اللَّبَنِ وَالْوَلَدِ " يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْلُودِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ لَبَنٌ، وَيُجْعَلَ جَمِيعُهُ مَعَ الزِّيَادَةِ لِلْأَوَّلِ جَعَلَ الْمُرْتَضِعَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ ابْنًا لِلْأَوَّلِ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي جَعَلَ لَهُ اللَّبَنَ الْحَادِثَ قَبْلَ وِلَادَتِهِ إِذَا زاد بحمله قال: إن المرتضع به ابناً لَهَا، حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا فَيَصِيرَ الْمُرْتَضِعُ بَعْدَ الْحَمْلِ ابْنًا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَكِلَا التَّأْوِيلَيْنِ محتمل والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute