للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَلَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إِلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَلْحَقُ بِهِ كَالْبَائِنِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي اسْتِحَالَةِ عُلُوقِهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا، فَعَلَى هَذَا تُسْأَلُ عَنْ حَالِ الْحَمْلِ وَلَا يَخْلُو حَالُ جَوَابِهَا فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ الزَّوْجَ الْمُطَلِّقَ أَصَابَهَا بِرَجْعَةٍ أَوْ غَيْرِ رَجْعَةٍ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَدَّعِيَ أَجْنَبِيًّا أَصَابَهَا بِشُبْهَةٍ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تقر أن رجلاً زنا بِهَا سَفْحًا.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا تَعْزِيَهُ إِلَى جِهَةٍ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ تَدَّعِيَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي الْعِدَّةِ فَيُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ دَعْوَاهَا فَإِنْ صَدَّقَهَا لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، فَأَمَّا النَّفَقَةُ فتستحق منها النَّفَقَةَ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَفِي اسْتِحْقَاقِهَا لِنَفَقَةِ مَا بَعْدَهَا مِنْ بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا مِنْ نِكَاحٍ، وَإِنْ أَكْذَبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ.

وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، وَإِنِ انْتَفَى عَنْهُ كَحَمْلِ الْمُلَاعَنَةِ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَإِنِ انْتَفَى عَنْهُ بِاللِّعَانِ وَلَيْسَ لِهَذَا الْقَوْلِ عِنْدِي وَجْهٌ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمُلَاعَنَةِ كَانَ قبل اللعان لاحقا فجاز أن تنقض بِهِ الْعِدَّةُ وَحَمْلُ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَدْ كَانَ قَبْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةِ غَيْرَ لَاحِقٍ فَلِذَلِكَ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ الْعِدَّةُ ثُمَّ نَاقَضَ أَبُو حَامِدٍ فِي قَوْلِهِ فَجَعَلَ عِدَّتَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّفَقَةَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَكَانَ فَرْقُهُ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ أَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ عَلَيْهَا وَالنَّفَقَةَ حَقٌّ لَهَا فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيمَا عَلَيْهَا وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِيمَا لَهَا، وَالتَّعْلِيلُ بِهَذَا الْفَرْقِ يَفْسَدُ بِالْمُدَّعِيَةِ فِي عِدَّةِ أَقْرَائِهَا زِيَادَةً عَلَى عَادَتِهَا قَوْلُهَا مَقْبُولٌ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَالنَّفَقَةُ لَهَا، وَقَدْ قَالَ الْمُزَنِيُّ: إِذَا حُكِمَ بِأَنَّ الْعِدَّةَ قَائِمَةٌ فَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ فِي الْقِيَاسِ لَهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ هَذَا الْحَمْلِ، أَنْ تُسْأَلَ عَمَّا ادَّعَتْهُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ، فَإِنْ قَالَتْ وَطِئَنِي عَقِيبَ طَلَاقِي لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ أَنَّهَا لَمْ تَعْتَدَّ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيمَا تَعْتَدُّ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِإِقْرَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْوِلَادَةِ وَلَا رَجْعَةَ فِيهَا لِلزَّوْجِ لِإِكْذَابِهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ مِنَ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ قَالَتْ وَطِئَنِي بَعْدَ مُضِيِّ أَقْرَائِي كَأَنَّهَا قَالَتْ وَطِئَنِي فِي الْقُرْءِ الثَّالِثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>