أحدها: ايكون مِثْلُهَا قَاتِلًا فِي الْغَالِبِ لِقُوَّةِ اللَّاطِمِ وَضَعْفِ الْمَلْطُومِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَقْتُلَ مِثْلُهَا فِي الْغَالِبِ لِضَعْفِ اللَّاطِمِ، وَقُوَّةِ الْمَلْطُومِ، فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْتُلَ مِثْلُهَا، وَلَا يَقْتُلَ لِقُوَّةِ اللَّاطِمِ وَقُوَّةِ الْمَلْطُومِ، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وفي الدِّيَةُ. فَصْلٌ ثَالِثٌ: وَأَمَّا إِذَا طَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتًا حَبَسَهُ فِيهِ حَتَّى مَاتَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَا يَمْنَعَهُ مِنْهُمَا، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْبُوسُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، مَا لَمْ يَكُنْ طِفْلًا لَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَوَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُضْمَنُ الصَّغِيرُ وَإِنْ كَانَ يَهْتَدِي إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِذَا اقْتَرَنَ مَوْتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ كَنَهْشَةِ حَيَّةٍ، وَلَدْغَةِ عَقْرَبٍ لَمْ يَضْمَنْهُ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ وَلَوْ ضُمِنَ بِهَا كَالْمَمْلُوكِ لَلَزِمَ ضَمَانُهُ فِي مَوْتِهِ بِسَبَبٍ وَغَيْرِ سَبَبٍ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَمْنَعَهُ فِي حَبْسِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَطُولَ مُدَّةُ حَبْسِهِ حَتَّى لَا يَعِيشَ فِي مِثْلِهَا حَيٌّ بِغَيْرِ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ، وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ حَدٌّ، وَإِنْ حَدَّهُ الطِّبُّ بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَاصَلَ الصِّيَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَلَى سَمْنٍ وَلَبَنٍ وَصَبِرٍ وَذَهَبَ فِي السَّمْنِ إِلَى أَنَّهُ يَفْتُقُ الْأَمْعَاءَ وَيُلَيِّنُهَا، وَفِي اللَّبَنِ إِلَى أَنَّهُ أَلْطَفُ غِذَاءٍ، وَفِي الصَّبِرِ إِلَى أَنَّهُ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ، فَإِذَا مَاتَ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَقْصُرَ مُدَّةُ حَبْسِهِ عَنْ مَوْتِ مِثْلِهِ بِغَيْرِ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَمَا دُونَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ إِمْسَاكَهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَوْ كَانَ قَاتِلًا مَا أَوْجَبَهُ؛ فَهَذَا لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُدَّةً يَجُوزُ أَنْ يَمُوتَ فِي مِثْلِهَا وَيَعِيشَ فَلَا قَوَدَ، وَفِيهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ عَمْدٌ كَالْخَطَأِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةٍ يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا الصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ، وَلَا يَمُوتُ فِي مِثْلِهَا الْكَبِيرُ الصَّحِيحُ فَيُرَاعَى حَالُ الْمَحْبُوسِ، فَإِنْ كان صغيراً أو مريضاً وجب في الْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا صَحِيحًا لَمْ يَجِبْ وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ دُونَ الشَّرَابِ، أو