للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لم يعلم، لأنه شُبْهَةٌ مُحْتَمَلَةٌ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَالْخَاطِئِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الْقَوَدُ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْلَامِ حَالِهِ فَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ مَنْ عَلِمَ بِهِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَقْسَامِ السُّمِّ الْقَاتِلِ وَأَحْكَامِهِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ وَإِسْقَاطِهِ فَالْكَلَامُ بَعْدَهُ فِي صِفَةِ وَصُولِ السُّمِّ إِلَى الْمَسْمُومِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنَ السَّاقِي إِكْرَاهٌ عَلَى شُرْبِهِ أَوْ أَكْلِهِ فَهُوَ قَاتِلُ عَمْدٍ وَالْقَوَدُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ إِكْرَاهٌ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَدْفَعَ السُّمَّ مِنْ يَدِهِ إِلَى الْمَسْمُومِ فَيَشْرَبَهُ الْمَسْمُومُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ أَبْلَهَ لَا يُمَيِّزُ، وَيُطِيعُ كُلَّ أَمْرٍ فَعَلَى السَّاقِي الْقَوَدُ، كَمَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا أَوْ أَبْلَهَ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَقَتَلَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُمَيِّزًا فَلِلسَّاقِي حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُعْلِمَهُ بِأَنَّهُ سُمٌّ فَيَشْرَبَهُ بَعْدَ إِعْلَامِهِ بِهِ فَلَا قَوَدَ عَلَى السَّاقِي وَلَا دِيَةَ وَيَكُونُ شَارِبُ السُّمِّ هُوَ الْقَاتِلَ لِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ السَّاقِي بَعْدَ تَسْمِيَتِهِ بِالسُّمِّ أَنَّهُ قَاتِلٌ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ، لِأَنَّ اسْمَ السُّمِّ يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَقْتُلُ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يُعْلِمَهُ عِنْدَ دَفْعِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ سُمٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ لِدِيَتِهِ، وَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِمُبَاشَرَةِ الدَّفْعِ وَإِخْفَاءِ الْحَالِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِشُرْبِ الْمَسْمُومِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَهَذَا قِسْمٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَخْلِطَهُ السَّاقِي بِطَعَامٍ لِنَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْكُلَهُ الْمَسْمُومُ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَلَا قَوَدَ عَلَى السَّاقِي وَلَا دِيَةَ، وَالْآكِلُ هُوَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ فَيَكُونَ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ مِنْ يَدِهِ، لَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الطَّعَامِ أَمْرٌ بِأَكْلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ قَوْلَانِ:

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَضَعَهُ فِي طَعَامِ الْمَسْمُومِ فَيَأْكُلَهُ الْمَسْمُومُ، وَهُوَ لَا يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>