وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَارَ الدِّيَةَ فَيُعْطَاهَا، وَيَسْقُطَ حَقُّهُ مِنَ القَوَدِ لِمَا فِي الْعُدُولِ إِلَيْهِ مِنَ الانْتِقَالِ عَنِ الْأَخَفِّ إِلَى الْأَغْلَظِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْتَارَ الْقَوَدَ وَالدِّيَةَ فَلَا يَكُونُ لِاخْتِيَارِهِ تَأْثِيرٌ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ بِالِاخْتِيَارِ أَحَدَهُمَا.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يعفوا عَنِ الْقَوَدِ فَيَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِي الدِّيَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا إِلَى الْقَوَدِ إِلَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ بِالْعَفْوِ، وَلِأَنَّهُ انْتِقَالٌ عَنِ الْأَخَفِّ إِلَى الْأَغْلَظِ.
وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الدِّيَةِ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَلَا يَكُونُ لِعَفْوِهِ عَنِ الدِّيَةِ تَأْثِيرٌ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنَ القَوَدِ إِلَى الدِّيَةِ، لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الأَغْلَظِ إِلَى الْأَخَفِّ.
وَالْحَالُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ فَيَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْهُمَا وَلَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ الْعَفْوِ وَاحِدًا مِنْهُمَا مِنْ قَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ.
وَالْحَالُ السَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ حَقِّي فَيَكُونُ عَفْوًا عَنِ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ مَعًا لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا.
وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي إنَّ قتل العمد موجب للقود وحده ولا تجب الدِّيَةُ إِلَّا بِالِاخْتِيَارِ بَدَلًا مِنَ القَوَدِ فَلِلْوَلِيِّ فِي اخْتِيَارِهِ وَعَفْوِهِ سَبْعَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَارَ الْقَوَدَ فَلَا يَسْقُطُ بِهَذَا الِاخْتِيَارِ حَقُّهُ مِنِ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ اخْتِيَارَهَا بَعْدَ سُقُوطِ حَقِّهِ مِنَ القَوَدِ، فَصَارَ كَالْإِبْرَاءِ مِنَ الحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ، لَا يُبْرِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَلَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ بِهَذَا الِاخْتِيَارِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَلَيْسَ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فَصَارَ هَذَا الِاخْتِيَارُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَارَ الدِّيَةَ فَيَكُونُ فِي اخْتِيَارِهَا إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنَ القَوَدِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِالدِّيَةِ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْتَارَ الْقَوَدَ وَالدِّيَةَ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الِاخْتِيَارِ تَأْثِيرٌ فِي الْقَوَدِ وَلَا فِي الدِّيَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ بِالِاخْتِيَارِ أَحَدَهُمَا فَيَسْتَوِي حُكْمُ الِاخْتِيَارِ، وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعِ فِي الْعَفْوِ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقَوَدِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْتَارَ الدِّيَةَ مَعَ عَفْوِهِ عَنِ الْقَوَدِ، فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنَ القَوَدِ بِالْعَفْوِ وَتَجِبُ لَهُ الدية بالاختيار.