دَابَّةِ صَاحِبِهِ، وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِاخْتِصَاصِ الْعَاقِلَةِ بِحَمْلِ دِيَاتِ الْآدَمِيِّينَ دُونَ الْبَهَائِمِ فَيَتَقَاصُّ الْمُصْطَدِمَانِ بِمَا لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ دَابَّتِهِ، وَيَتَرَاجَعَانِ فَضْلًا إِنْ كَانَ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ مُخَفَّفَةً إِنْ كَانَ خَطَأً مَحْضًا، وَمُغَلَّظَةً إِنْ كَانَ عَمْدًا شِبْهَ الْخَطَأِ، وَلَا قِصَاصَ مِنَ الْعَاقِلَتَيْنِ فِيمَا تَحَمَّلَاهُ مِنْ ديتهما إلا أن يكون عاقلتهما ورثتهما فيتقاصان ذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ الرَّاكِبَانِ دُونَ الدَّابَّتَيْنِ، فَيَلْزَمُ عَاقِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ وَلَا يتقاضانها إلا أن تكون العاقلتان وارثي الْمُصْطَدِمَيْنِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَمُوتَ الدَّابَّتَانِ دُونَ الْمُصْطَدِمَيْنِ، فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ دابة صاحبه في ماله ويتقاضانها.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا وَدَابَّتُهُ دُونَ الْآخَرِ وَدُونَ دَابَّتِهِ، فَيَضْمَنُ الْحَيُّ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ الْمَيِّتَةِ، وَتَضْمَنُ عَاقِلَتُهُ نِصْفَ دِيَةِ الْمَيِّتِ.
وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ، أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا دُونَ دَابَّتِهِ وَتَمُوتَ دَابَّةُ الْآخَرِ دُونَهُ، فَيَكُونُ نِصْفُ دِيَةِ الْمَيِّتِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَيِّ، وَنِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الحي في مال الميت، ولا يتقاضان قِيمَةَ الدَّابَّةِ مِنَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَاقِلَةُ وَارِثَةً، لِأَنَّ الْحَيَّ لَا يُورَّثُ، وَيَجِيءُ فِيهَا حَالٌ سَادِسَةٌ وَسَابِعَةٌ قَدْ بَانَ حُكْمُهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَقَدْ مَاتَا وَدَابَّتَاهُمَا فلهما ثلاثة أحوال:
أحدهما: أَنْ يَرْكَبَا بِأَنْفُسِهِمَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَرْكَبَهُمَا وَلِيّهُمَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا.
فَإِنْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا فَحُكْمُهُمَا فِي الضَّمَانِ كَحُكْمِ الْبَالِغِ، يَضْمَنُ عَاقِلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دِيَةِ الْآخَرِ، وَيُضْمَنُ فِي مَالِهِ نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّتِهِ، وَإِنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيّهُمَا فَالضَّمَانُ فِي أَمْوَالِ الصَّغِيرَيْنِ وَعَلَى عَوَاقِلِهِمَا دُونَ الْوَلِيَّيْنِ، لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقُومَ فِي تَأْدِيبِ الصَّغِيرَيْنِ بِالِارْتِيَاضِ لِلرُّكُوبِ وَلَا يَكُونُ بِهِ مُتَعَدِّيًا. فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا ضَمِنَ مَرْكِبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دِيَةِ مَنْ أَرْكَبَهُ وَنِصْفَ دِيَةِ الْآخَرِ وَنِصْفَ قِيمَةِ دَابَّتِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ أَحَدِهِمَا وَلَا مِنْ قِيمَةِ دَابَّتِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى بِإِرْكَابِهِ فَضَمِنَ جِنَايَتَهُ وَضَمِنَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا وَالْآخَرُ كَبِيرًا كَانَ مَا اخْتُصَّ بِالصَّغِيرِ مَضْمُونًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ، وَمَا اخْتُصَّ بِالْكَبِيرِ مَضْمُونًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُصْطَدِمَانِ امْرَأَتَيْنِ حَامِلَيْنِ فَأَلْقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَنِينًا مَيِّتًا لِمَ يَنْهَدِرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute