للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فقاتلوا التي تبغي} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَبْغِي بِالتَّعَدِّي فِي الْقِتَالِ.

وَالثَّانِي: تَبْغِي بِالْعُدُولِ عَنِ الصُّلْحِ.

وَهَذَا الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ مُخَاطَبٌ بِهِ الْوُلَاةُ دُونَ غَيْرِهِمْ. {حَتَّى تفيء إلى أمر الله} أَيْ تَرْجِعَ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى الصُّلْحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.

وَالثَّانِي: حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ {فَإِنْ فآءت} يَعْنِي: رَجَعَتْ عَنِ الْبَغْيِ. {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِالْحَقِّ.

وَالثَّانِي: بِكِتَابِ اللَّهِ. {وأقسطوا} يَعْنِي: اعْدِلُوا، وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: اعْدِلُوا فِي تَرْكِ الْهَوَى وَالْمُمَايَلَةِ.

وَالثَّانِي: فِي تَرْكِ الْعُقُوبَةِ والمؤاخذة. {إن الله يحب المقسطين} يَعْنِي الْعَادِلِينَ.

قَالَ أَبُو مَالِكٍ: فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.

فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى بَقَاءِ الْبُغَاةِ عَلَى إِيمَانِهِمْ.

وَدَلَّتْ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِالصُّلْحِ قَبْلَ قِتَالِهِمْ.

وَدَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ قِتَالِهِمْ إِنْ أَقَامُوا عَلَى بَغْيِهِمْ.

وَدَلَّتْ عَلَى الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ.

وَدَلَّتْ عَلَى أَنْ لَا تِبَاعَةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمْ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ دَلَّتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيهَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَمَنَعَ مِنْهُ، وَجَبَ قِتَالُهُ عَلَيْهِ حتى يؤديه.

<<  <  ج: ص:  >  >>