للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتلوه نادى منادي علي رضي الله عنه يوم الجمل أَلَا لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جريح وأتى علي رضي الله عنه يوم صفين بأسير فقال له علي لا أقتلك صبراً إني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله والحرب يوم صفين قَائِمَةٌ وَمُعَاوِيَةُ يُقَاتِلُ جَادًّا فِي أَيَّامِهِ كُلِّهَا منتصفاً أو مستعلياً فبهذا كله أقول وأما إذا لم تكن جماعة ممتنعة فحكمه القصاص قتل ابن ملجم عليا متأولاً فأمر بحبسه وقال لولده إن قتلتم فلا تمثلوا ورأى عليه القتل وقتله الحسن بن علي رضي الله عنه وفي الناس بقية من أصحاب النبي

فما أنكر قتله ولا عابه أحد ولم يقد علي وقد ولي قتال المتأولين ولا أبو بكر من قتله الجماعة الممتنع مثلها على التأويل على ما وصفنا ولا على الكفر وإن كان بارتداد إذا تابوا قد قتل طليحة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم ثم أسلم فلم يضمن عقلاً ولا قوداً فأما جماعة ممتنعة غير متأولين قتلت وأخذت المال فحكمهم حكم قطاع الطريق (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ في قتال أهل الردة لأنه ألزمهم هناك ما وضع ههنا عنهم وهذا أشبه عندي بالقياس) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] .

فَكَانَ قَوْلُهُ: {فَقَاتِلُوا} يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِقِتَالِهِمْ لَا بِقَتْلِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أمر الله} هُوَ الْغَايَةُ فِي إِبَاحَةِ قِتَالِهِمْ.

وَالْفَيْئَةُ فِي كَلَامِهِمْ: الرُّجُوعُ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ تَتَّفِقُ أَحْكَامُهَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا:

أَحَدُهَا: أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى طَاعَةِ الْإِمَامِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ، فَهُوَ غَايَةُ مَا أُرِيدَ مِنْهُمْ، وَقَدْ خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْبَغْيِ اسْمًا وَحُكْمًا، وَصَارُوا دَاخِلِينَ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُلْقُوا سِلَاحَهُمْ مستسملين فَالْوَاجِبُ الْكَفُّ عَنْهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ لَا بِقَتْلِهِمْ، وَخَالَفُوا أَهْلَ الْحَرْبِ إِذَا أَلْقَوْا سِلَاحَهُمْ فِي جَوَازِ قَتْلِهِمْ، لِأَنَّ الْأَمْرَ فِي أَهْلِ الْحَرْبِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى قَتْلِهِمْ، وَفِي أَهْلِ الْبَغْيِ إِلَى قِتَالِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُوَلُّوا مُنْهَزِمِينَ فَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُمْ، وَلَا يُتْبَعُوا بَعْدَ هَزِيمَتِهِمْ.

فَقَدْ نَادَى مُنَادِي عَلِيٍّ يَوْمَ الجمل: أَلَا لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>