للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَالِهِمْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ وَجْهٌ، وَإِذَا كَانَتِ الْإِصَابَةُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَصْلًا فِي الْحَصَانَةِ لَمْ تُحْصَنِ الْإِصَابَةُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ولا يملك الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا إِصَابَةُ كَمَالٍ لِاعْتِبَارِهَا فِي كَمَالِ الْحَدِّ، فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا أَكْمَلَ أَسْبَابِهَا، وَالنِّكَاحُ أَكْمَلُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: اخْتِصَاصُهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ لَا يحل لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَأَفْضَلُ لِاجْتِمَاعِ الشَّرَائِعِ عَلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَخْلُ حَالُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَا كَامِلَيْنِ بِالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ، وَالْحُرِّيَّةِ فَيَتَحَصَّنَا مَعًا فِيهِ بِإِصَابَةِ مرة واحدة إذا غاب بها الحشفة في الفرج، سواء كان عقيبها إنزال أو لم يكن، فأيهما زنا رُجِمَ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا نَاقِصَيْنِ مَعًا لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ رِقٍّ فَلَا حَصَانَةَ بِهَذِهِ الْإِصَابَةِ مَا كَانَ النَّقْصُ بَاقِيًا، فَإِنْ زَالَ النَّقْصُ فَفِي ثُبُوتِ الْحَصَانَةِ بِمَا تَقَدَّمَ من الإصابة مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الوَجْهَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كَامِلًا بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالزَّوْجَةُ ناقصة لصغر أو جنون أو رق فيثبت فِيهِ حَصَانَةُ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ، فَإِنْ زَالَ نقص الزوجة ففي ثبوت حصانتها بِالْإِصَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَجْهَانِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كَامِلَةً بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ دُونَ الزَّوْجِ فَيُنْظَرُ فِي نَقْصِ الزَّوْجِ: فَإِنْ كَانَ بِرِقٍّ أَوْ جُنُونٍ تَحَصَّنَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ دُونَ الزَّوْجِ، فَإِنْ زَالَ نَقْصُ الزَّوْجِ فَفِي ثُبُوتِ حَصَانَتِهِ بما تقدم من أصابته وجهان، فإن كَانَ نَقْصُ الزَّوْجِ لِصِغَرٍ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مثله لا يستمتع بإصابته لطفوليته كَابْنِ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ لَمْ يُحْصِنْهَا وَلَمْ يَتَحَصَّنْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْتَمْتَعُ بِمِثْلِهِ كَالْمُرَاهِقِ فَفِي تَحْصِينِهَا بِإِصَابَتِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وبه قَالَ فِي " الْإِمْلَاءِ) لَا يُحْصِنُهَا وَلَا يَتَحَصَّنُ بِهَا؛ لِضَعْفِ إِصَابَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ) قَدْ حَصَّنَهَا وَإِنْ لَمْ يتحصن بها؛ لأن المعتبر في الإصابة تغييب الْحَشَفَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُوَّةُ وَالضَّعْفُ كَإِصَابَةِ الشيخ، وهذا شَرْحُ مَذْهَبِنَا فِي كَمَالِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ نَاقِصًا لَمْ يَتَحَصَّنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَنَفَيُ الْحَصَانَةِ عَنِ الْكَامِلِ لِانْتِفَائِهَا عَنِ النَّاقِصِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ النَّقْصُ بَرِقٍّ لَمْ يَتَحَصَّنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>