للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليزني بها أو يستخدمها فَوَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ وَطْءٌ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ فِيهِ الْحَدُّ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْمَنَاكِحِ الْفَاسِدَةِ. قَالَ: وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يُحَدُّ بِهِ الْكَافِرُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُحَدَّ بِهِ الْمُسْلِمُ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ.

قَالَ: وَلِأَنَّ مَا لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ حُكْمُ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَابِعٌ لِلِاسْمِ، وَاسْتَدَلَّ بأن اسم الزنا غير منطلق عليه أن الْمَجُوسَ يَنْكِحُونَ أُمَّهَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِمُ اسْمُ الزِّنَا وَلَا حُكْمُهُ.

وَدَلِيلُنَا قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبائكم مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [النساء: ٢٢] وَالْفَاحِشَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ هي الزنا لقوله تعالى: {واللاتي تأتين الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] .

وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ) وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مُوَاقَعَتِهَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النكاح يستوي فيه ذات المحارم وَغَيْرُهَا.

وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مَرَّ بِي خالي أبو بردة بن دينار وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَقُلْتُ أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ آتِيَهُ بِرَأْسِهِ.

وَرُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: بينهما انا أطوف على إبل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس مَعَهُمْ لِوَاءٌ فَجَعَلَ الْأَعْرَابُ يَطِيفُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أَتَوْا قُبَّةً فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلًا فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>