للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُ إِقَامَتُهُ؛ لِأَنَّ فِسْقَهُ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِنْكَاحِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أن يكون رجلا؛ لأن الرجال أحصن بالولايات من النساء، فإن كان امْرَأَةً فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا حق لها فيه ولا لوليها، وَيَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ لِقُصُورِهَا عَنْ وِلَايَاتِ الرِّجَالِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ وَلَيُّهَا نِيَابَةً عَنْهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاشِرَهُ بِنَفْسِهَا كَالنِّكَاحِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ مُبَاشَرَةَ إِقَامَتِهِ بِنَفْسِهَا وَبِمَنْ تَسْتَنِيبُهُ فِيهِ مِنْ وَلِيٍّ وَغَيْرِ وَلِيٍّ لتفردها بالملك وحقوقه، وقد جلدت فاطمة عليها السلام أَمَةً لَهَا زَنَتْ، وَقَطَعَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَمَةً لَهَا سَرَقَتْ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ تَامَّ الْمِلْكِ فِي كَامِلِ الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مَمْلُوكٌ فَلَا حق له في إقامة الحد لِنَقْصِهِ بِمَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُدَبَّرًا، أَوْ مُخَارِجًا، أَوْ مُعْتَقًا نَصْفُهُ لم يملك إقامة الحد على عبده بجريان أحكام الرق عليه، ولو كان مكاتباً ففي استحقاقه بحد عَبْدِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَسْتَحِقُّهُ لِنَقْصِهِ بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الرِّقِّ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ تَامَّ الْمِلْكِ بِكَمَالِ الْحُرِّيَّةِ إِلَّا أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ تَامِّ الرِّقِّ لِعِتْقِ بَعْضِهِ وَرِقِّ بَعْضِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى إِقَامَتِهِ جَازَ.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحُدُودِ وَمِنَ المجتهدين فيه ليعلم ما يجب فيه ولا يَجِبُ، فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى وُجُوبِهِ عُمِلَ فِيهِ عَلَى الِاتِّفَاقِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَمْ يَخْلُ رَأْيُهُ وَرَأْيُ الْإِمَامِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وجوبه فللسيد أن يتفرد بِاسْتِيفَائِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إِسْقَاطِهِ فَلَا حَدَّ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَرَى الْإِمَامُ وُجُوبَهُ وَالسَّيِّدُ إسقاطه، فللإمام، يَسْتَوْفِيَهُ دُونَ السَّيِّدِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَرَى السَّيِّدُ وُجُوبَهُ دُونَ الْإِمَامِ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِرَأْيِهِ مَا لَمْ يَحْكُمِ الْإِمَامُ بِإِسْقَاطِهِ، فَإِنْ حُكِمَ بِهِ مُنِعَ مِنْهُ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِمَامِ أَنْفَذُ وَأَعَمُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>