فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُقْطَعْ في الحال ولا إذا بلغ وأفاق فِي ثَانِي حَالٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَنْتَبِهَ) وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِيَ بِجَارِيَةٍ قَدْ سَرَقَتْ فَوَجَدَهَا لَمْ تَحِضْ فَلَمْ يَقْطَعْهَا.
وَلِأَنَّهُ حَدٌّ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْحُدُودِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَقَّ بُطُونَ أَصَابِعِ صَبِيٍّ سَرَقَ، وَهَذَا إِنْ صَحَّ عَنْهُ فَلَمْ يَفْعَلْهُ حَدًّا، وَإِنَّمَا ضَرَبَهُ عَلَى كَفِّهِ تَأْدِيبًا فانشقت بطون أصابعه لرقها، فقد رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أُتِيَ بِصَبِيٍّ سَرَقَ فَقَالَ: أَشْبِرُوهُ فَكَانَ دُونَ خَمْسَةِ أَشْبَارٍ فَلَمْ يَقْطَعْهُ.
وَأُتِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَارِقٍ فَقَالَ أَشْبِرُوهُ فَكَانَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ إِلَّا أُنْمُلَةً فَلَمْ يقطعه وسمى أنملة وليس هذا معتبر فِي الْبُلُوغِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ اسْتِظْهَارًا، وَالْبُلُوغُ يَكُونُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا مِنَ احْتِلَامِ الْغُلَامِ، وَحَيْضِ الْجَارِيَةِ، فَإِنِ اسْتَكْمَلَا قَبْلَ الِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَا بَالِغَيْنِ.
فَأَمَّا إِنْبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْعَانَةِ فيحكم به في بلوغ المشركين؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمْضَى حُكْمَ سَعْدٍ فِي سَبِّي بَنِي قُرَيْظَةَ بأن من جرت عليه المواس قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ اسْتُرِقَّ، وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بُلُوغًا فِيهِمْ أَوْ دَلَالَةٌ عَلَى بُلُوغِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ يَكُونُ بُلُوغًا فِيهِمْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بُلُوغًا فِي الْمُسْلِمِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ: أَنَّهُ يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى بُلُوغِهِمْ، فَعَلَى هذا يَكُونُ دَلَالَةٌ عَلَى بُلُوغِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى بُلُوغِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى بُلُوغِهِمْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ من وجهين:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute