فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فغضب وأقبل الرَّجُلُ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شيئاً كان معه بِيَدِهِ لِيَضْرِبَهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهَا أَبَدًا، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ. وَالرَّابِعُ: مَا رَوَاهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا وَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فصلى بِهِمُ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَأَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ ديني) فنسي قول اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تقولون} [سورة النساء: ٤٣] ثم حرمت.
والخامس: ما رواه محمد بن إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بياناً شافياً فنزل في سورة البقرة قوله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] الْآيَةَ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فنزل في سورة النساء قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تقولون} [النساء: ٤٣] فدعى عمر فقرئت عليه. فقال: اللهم من لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَنَزَلَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ والبغضاء} . الآية إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠] فَحِينَ سَمِعَهَا عُمَرُ قَالَ: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا.
فَهَذِهِ ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْخَمْرِ، وَنَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ رَابِعَةٌ فَيَ سورة الأعراف وهي قوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: ٣٣] .
والإثم ها هنا الخمر في قول الأكثر لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
(شَرِبْتُ الْإِثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلِي ... كَذَاكَ الْإِثْمُ يَذْهَبُ بِالْعُقُولِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute