للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّادِسُ: أَنَّ الْأَخِيرَ الَّذِي يُسْكِرُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُسْكِرٌ إِلَّا بَعْدَ شُرْبِهِ فَلَمْ يَصِحَّ تعليق التحريم به. وقد روى هاشم بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ) .

وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها وقالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: " ما أسكر الفرق منه فاللحسة مِنْهُ حَرَامٌ) .

وَالْفَرْقُ: أَحَدُ مَكَايِيلِ الْعَرَبِ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا، لِأَنَّ لَهُمْ أَرْبَعَةُ مَكَايِيلَ

الْمُدُّ: وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ.

وَالْقِسْطُ: وَهُوَ ضِعْفُ الْمُدِّ، رِطْلَانِ وَثُلُثَانِ.

وَالصَّاعُ: وَهُوَ ضِعْفُ الْقِسْطِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ.

وَالْفَرْقُ: وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَضْعَافِ الصَّاعِ، سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا فَدَلَّ هَذَا عَلَى تَحْرِيمِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِأَسَانِيدَ ثَابِتَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) وَرَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَخَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَنْهَاكُمْ عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ) .

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا أَرَادَ بِتَحْرِيمِ قَلِيلِهِ الْأَخِيرَ الَّذِي يَظْهَرُ بِهِ السُّكْرُ فَصَارَ هُوَ الْمُحَرَّمَ دُونَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَمْ يسكر ففيه ثلاثة أجوبة:

أحدهما: أَنَّ هَذَا تَكَلُّفُ تَأْوِيلٍ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَكَانَ مُطَّرَحًا.

وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَعُمُّ الْخَمْرَ وَالنَّبِيذَ فَلَمَّا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْخَمْرِ لَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فِي النبيذ.

والثالث: أنه إذا حرم القليل كالتحريم الْكَثِيرِ أَغْلَظَ كَالْخَمْرِ إِذَا حُرِّمَتْ بِغَيْرِ سُكْرٍ كان تحريمها بالسكر أغلظ.

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ شَرِبَ خَمْرًا لَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ سَبْعَة أَيَّامٍ وَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>