الْكُبْرَى، وَحَمَلَ لِوَاءَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلِيًّا أَبَا تُرَابٍ مَرَّ بِهِ وَقَدْ نَامَ وَسَفَّتِ الرِّيحُ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَقَالَ: " قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَشْقَى النَاسِ أُحَيْمِرِ ثَمُودَ عَاقِرِ النَّاقَةِ وَالَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذَا فَخَضَبَ هَذِهِ يَعْنِي عَلَى رَأْسِكَ فَيَخْضِبُ لِحْيَتَهُ "
( [سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ] )
ثُمَّ سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في جمادى الآخرة في اثني عشرة رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أن لا يقرأه إلا ببطن مكة وتعمل بِمَا فِيهِ فَلَمَّا حَصَلَ بِالْمَكَانِ قَرَأَهُ، وَإِذَا فِيهِ سِرْ إِلَى نَخْلَةٍ بَيْنَ الطَّائِفِ وَمَكَّةَ وَأَرْضٍ لِقُرَيْشٍ لِتَعْرِفَ أَخْبَارَهُمْ، وَتَأْتِيَنَا بِهَا وَلَا تَسْتَكْرِهَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ، فَلَمَّا عَلِمُوا أَطَاعُوا وَرَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَسَارُوا، وَأَضَلَّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا فَعَدَلَا فِي طَلَبِهِ، حَتَّى بَلَغَا بَنِي سُلَيْمٍ وَمَرَّتْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ فِيهَا ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ عَائِدَةً مِنَ الطَّائِفِ تَحْمِلُ خَمْرًا وَأُدُمًا، وَزَبِيبًا، وَمَعَهُ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَوَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ أَخْذُ الْعِيرِ وَكَانَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَهُمْ فِيهِ عَلَى شَكٍّ، ثُمَّ أَقْدَمُوا عَلَيْهَا، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَأُسِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ وَغَنِمُوا الْعِيرَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ فَقِيلَ إِنَّهُمُ اقْتَسَمُوهَا، وَعَزَلُوا خُمْسَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِيَسْأَلُوا عَنْهَا
وَقِيلَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْكَرُوا فِعْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَمَا فَعَلَهُ مِنْ قَتْلٍ وَغَنِيمَةٍ فِي رَجَبٍ وَهُوَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: قَدِ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧] .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْكَعْبَةَ وَتَحَوَّلَ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ تَحْوِيلِهَا فَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّهَا حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بَعْدَ مَقْدَمِهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا صَلَّى فِيهَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ: حُوِّلَتْ لِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا فِي رَجَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute