أَنْتِ فِي حَلٍّ مِمَّا مَضَى، فَقَالَ: وَلَا تزنين، فقالت: يا رسول الله وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ، قَالَتْ: قَدْ رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارًا وَقَتَلْتَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كِبَارًا، فَأَنْتَ وَهُمْ أَعْلَمُ فَضَحِكَ عُمَرُ حَتَّى اسْتَغْرَبَ. قَالَ: وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ إِتْيَانَ الْبُهْتَانِ لَقَبِيحٌ؛ وَلَبَعْضُ التَّجَاوُزِ أَمْثَلُ. قَالَ: وَلَا تَعْصِينَ في معروف، قالت: ما جلسنا هذه الْمَجْلِسَ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَقَالَ لِعُمَرَ: بَايِعْهُنَّ فَبَايَعْهُنَّ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُنَّ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثُمَّ أَرْسَلَ بِلَالًا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ لِيَأْتِيَهُ بِمَفَاتِيحِ الْكَعْبَةِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَفَتَحَ الْكَعْبَةَ، وَدَخَلَهَا فَصَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ وَالنَّاسُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَخَطَبَهُمْ وَدَعَا، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَاسُ كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ فَأَذْهِبُوا عَنْكُمْ فَخْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ تَحِلَّ لِيَ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ وَلَمْ يَحِلَّ لَنَا مِنْ غَنَائِمِهَا شَيْءٌ فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ " وَذَلِكَ مِنْ غَدِ يَوْمِ الْفَتْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمَفَاتِيحَ، وَقَالَ: خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ تَالِدَةً خَالِدَةً، لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظُلْمًا وَدَفَعَ السِّقَايَةَ إِلَى الْعَبَّاسِ بن عبد المطلب وقال: أعطيكم ما ترزءكم وَلَا تَرْزَؤُونَهَا
ثُمَّ بَعَثَ تَمِيمَ بْنَ أَسَدٍ الْخُزَاعِيَّ فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ، وَحَانَ الظُّهْرُ فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ صَلَّى مُدَّةَ مَقَامِهِ بِمَكَّةَ
ثُمَّ بَثَّ السَّرَايَا إِلَى الْأَصْنَامِ الَّتِي حَوْلَ مَكَّةَ الْعُزَّى، وَسُوَاعٍ، وَمَنَاةَ، فَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى بِبَطْنِ نَخْلَةَ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَصْنَامِ قُرَيْشٍ فَكَسَرَهُ
وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى رُهَاطٍ وَفِيهِ سُوَاعٌ وَهُوَ صَنَمٌ لِهُذَيْلٍ فَكَسَرَهُ
وَبَعَثَ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيَّ إِلَى مَنَاةَ وَكَانَ صَنَمًا بِالْمُشَلَّلِ لِلْأَوْسِ وَالْخْزْرَجِ وَغَسَّانَ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدَعُ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ "
[مَسِيرُ خَالِدٍ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ]
وَلَمَّا رَجَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْعُزَّى بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ سَرِيَّةً إِلَى بني جذيمة من كنانة وكانوا أسفل من مَكَّةَ عَلَى لَيْلَةٍ مِنْهَا نَاحِيَةَ يَلَمْلَمَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمِنْ بَنِي سُلَيْمٍ دَاعِيًا إِلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلًا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مُسْلِمُونَ قَدْ صَدَّقْنَا بِمُحَمَّدٍ وَصَلَّيْنَا وَبَنَيْنَا الْمَسَاجِدَ فِي سَاحَاتِنَا وَأَذَّنَّا فِيهَا، فَقَالَ: مَا بَالِكُمْ بِالسِّلَاحِ؟ قَالُوا: خِفْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute