للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسار منها إلى منى ليصل صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَقَدَّمَ الذُّرِّيَّةَ وَالنِّسَاءَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ رَاكِبًا، وَأَوْضَعَ السَّيْرَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، وَدَخَلَ مِنًى فَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَحَرَ وَحَلَقَ وَأَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ وَعَارِضَيْهِ وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ وَاقْتَسَمَ شَعْرَهُ أَصْحَابُهُ وَأَمَرَ بِدَفْنِ مَا بَقِيَ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ قَمِيصًا وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى بِمِنًى " إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ فَلَا تَصُومُوا " وَقَالَ لِلنَّاسِ: " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ: وَنَحَرَ بِيَدِهِ مِنْ هَدْيِهِ نَيِّفًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَدَفَعَ الْحَرْبَةَ إِلَى عَلِيٍّ فَنَحَرَ بَاقِيَهَا، وَقَالَ: " ائْتُونِي مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ " فَطُبِخَتْ فَأَكَلَ مِنْهَا وَأَكَلَ مَعَهُ عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ

ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ قَالَ طَاوُسٌ: وَطَافَ رَاكِبًا عَلَى رَاحِلَتِهِ وَدَخَلَ الْبَيْتَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَأَتَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَنَفَلَ وَشَرِبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَسَعَى وَعَادَ إِلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَجَمِيعَ الصَّلَوَاتِ وَخَطَبَ بِمِنًى بَعْدَ الظُّهْرِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَى بَيْنَ الحجرات وَتَدَاوَلَهَا الرُّوَاةُ وَذَكَرَهَا الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَوْرَدَهَا الجاحظ في كتاب البيان

وقال: " الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقَوْى اللَّهِ وَأَحُثُّكُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَأَسْتَفْتِحُ اللَّهَ بِالَذِي هُوَ خَيْرٌ "

أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَمِعُوا مِنِّي أُبَيِّنْ لَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا، فِي مَوْقِفِي هَذَا، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقُونَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ وَقَدْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا، وَإِنَّ كُلَّ ربا موضوع، ولكم رؤوس أَمْوَالِكُمْ، لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ، قَضَى اللَّهُ أَنَّهُ لَا رِبًا، وَأَوَّلُ رِبًا أَبْدَأُ بِهِ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ وُضِعَ دَمُ عَامِرِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِنَّ مَآثِرَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ غَيْرَ السِّدَانَةِ، وَالسِّقَايَةِ، وَالْعَمْدُ قَوَدٌ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ مَا قُتِلَ بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ، وَفِيهِ مِائَةُ بَعِيرٍ فَمَنِ ازْدَادَ فَهُوَ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بَأَرْضِكُمْ هَذِهِ أَبَدًا، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، مِمَّا تُحَقِّرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ عَلَى دِينِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: ٣٧] ، وَإِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>