[الأنفال: ٦٥] وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُؤْمِنِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَلَا يَدْخُلْنَ فِيهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْجِهَادِ قَالَ: " جِهَادُكِ: الْحَجُّ "
وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جِهَادُ الْكَبِيرِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ "، وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْجِهَادِ الْقِتَالُ وَالنِّسَاءُ يَضْعُفْنَ عَنْهُ.
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، فَقَالَ: " مَا بَالُ هَذِهِ تُقْتَلُ وَلَا تُقَاتِلُ " وَلِاسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ فِي النَّاسِ، قَالَ فِيهِ الشَّاعِرُ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَقَدْ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ:
(إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عِنْدِي ... قَتْلَ بَيْضَاءَ حُرَّةٍ عُطْبُولِ)
(كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا ... وَعَلَى الْغَانِيَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ)
وَلِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ يَجِبُ صَوْنُهُنَّ عَنْ بِذْلَةِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّهُنَّ لَا يُسْهَمُ لَهُنَّ لَوْ حَضَرْنَ وَلَوْ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ إِلَيْهِنَّ لَأُسْهِمَ لَهُنَّ. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: البلوغ، فإ، كان صبياً قلا جِهَادَ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِلَيْهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١] وَفِي الضُّعَفَاءِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمُ الصِّبْيَانُ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَالثَّانِي: الْمَجَانِينُ، وَلَمْ يُرِدْ بِالضَّعْفِ الْفَقْرَ، لِأَنَّهُ قَالَ: {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} ، ولقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يتنبه " ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَدَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ لِصِغَرِهِمْ. وَرَوَى نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَدَّنِي وَلَمْ يُجِزْنِي فِي الْقِتَالِ وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يوم الخندق، وأنا ابن خمسة عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي، وَلِأَنَّ الْقِتَالَ تَكْلِيفٌ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلِأَنَّهُ ذُرِّيَّةٌ يُقَاتَلُ عَنْهُ، وَلَا يُقَاتِلُ، وَلِأَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقِتَالِ وَمُقَاوَمَةِ الرِّجَالِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ لَوْ حَضَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute