للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: وَهُوَ تَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ، وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ الْأَعْرَجُ مِنْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ لِقُصُورِهَا عَنِ الْأُخْرَى، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَضْعُفَ بِهِ عَنِ الرُّكُوبِ وَيَعْجِزَ عَنِ الْمَشْيِ فَلَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجِهَادِ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَعْجِزُ عَنِ الطَّلَبِ، وَيَضْعُفُ عَنِ الْهَرَبِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ وَيَضْعُفَ عَنِ السَّعْيِ فَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ.

وَأَمَّا الْأَقْطَعُ الْيَدِ أَوْ أَشَلُّهَا فَلَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجِهَادِ إِلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِتَالِ، سَوَاءٌ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ أَوْ يسراه لأنه يقاتل باليمنى وتبقى بِالْيُسْرَى.

، وَإِنْ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْ أَصَابِعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ بِقَطْعٍ أَوْ شَلَلٍ نُظِرَ.

فَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ بَطْشِهِ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ إِلَيْهِ.

وَإِنَّ ذَهَبَ أَكْثَرُهُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ.

وَالثَّالِثُ: مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ الْمَرِيضُ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْجِزَ بِهِ عَنِ النُّهُوضِ فَيَسْقُطَ الْفَرْضُ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى النُّهُوضِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا بِالزِّيَادَةِ الَّتِي تَعْجِزُ عَنِ النُّهُوضِ فَيَسْقُطَ الْفَرْضُ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُعْذَرَ بِهِ فَيَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَخْلُو حَيٌّ مِنْ مَرَضٍ وَإِنْ خَفِيَ.

وَالرَّابِعُ: مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ، الْمُعْسِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ نَفَقَةَ جِهَادِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: ٩١] وَالَّذِي يُعْتَبَرُ مِنَ الْمَالِ فِي اسْتِطَاعَتِهِ لِلْجِهَادِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَغْزَى فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْمَسَافَةِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِحَيْثُ لَا تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ فِي اسْتِطَاعَتِهِ الْحَجَّ، وَاعْتُبِرَ فِي اسْتِطَاعَتِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ.

نَفَقَةُ سفرة.

ونفقة من تخلفه مِنْ أَهْلِهِ.

وَثَمَنُ سِلَاحِهِ.

وَإِنْ بَعُدَتِ الْمَسَافَةُ إِلَى حَيْثُ تُقْصَرُ بِهَا الصَّلَاةُ، اعْتُبِرَ فِي اسْتِطَاعَتِهِ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَوْ ضَعُفَ عَنْهُ كَالْحَجِّ، فَإِنَّ عَجَزَ عَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْجِهَادِ مَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى عَجْزِهِ، فَلَوْ بُذِلَ لَهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ مِنَ الْمَالِ، نُظِرَ فِي الْبَاذِلِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ بَذَلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، إِذَا تَكَامَلَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>